الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار

أم للإضراب الانتقالي في الاستفهام مقابلة قوله أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا . فالكلام بعد أم استفهام حذفت أداته لدلالة أم عليها . والتقدير : أم جعلوا لله شركاء . والتفت عن الخطاب إلى الغيبة إعراضا عنهم لما مضى من ذكر ضلالهم .

والاستفهام مستعمل في التهكم والتغليط . فالمعنى : لو جعلوا لله شركاء يخلقون كما يخلق الله لكانت لهم شبهة في الاغترار واتخاذهم آلهة ، أي فلا عذر لهم في عبادتهم ، فجملة ( خلقوا ) صفة لـ ( شركاء ) .

وشبه جملة ( كخلقه ) في معنى المفعول المطلق ، أي خلقوا خلقا مثل ما خلق الله . والخلق في الموضعين مصدر .

وجملة ( فتشابه ) عطف على جملة ( خلقوا كخلقه ) فهي صفة ثانية لـ ( شركاء ) ، والرابط اللام في قوله ( الخلق ) لأنها عوض عن الضمير المضاف إليه . والتقدير : فتشابه خلقهم عليهم . والوصفان هما مصب التهكم والتغليظ .

وجملة ( قل الله خالق كل شيء ) فذلكة لما تقدم ونتيجة له ، فإنه لما جاء الاستفهام التوبيخي في ( أفاتخذتم من دونه أولياء ) وفي أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه كان [ ص: 116 ] بحيث ينتج أن أولئك الذين اتخذوهم شركاء لله والذين تبين قصورهم عن أن يملكوا لأنفسهم نفعا أو ضرا ، وأنهم لا يخلقون كخلق الله إن هم إلا مخلوقات لله تعالى ، وأن الله خالق كل شيء ، وما أولئك الأصنام إلا أشياء داخلة في عموم كل شيء وأن الله هو المتوحد بالخلق ، القهار لكل شيء دونه . ولتعين موضوع الوحدة ومتعلق القهر حذف متعلقهما . والتقدير : الواحد بالخلق القهار للموجودات .

والقهر : الغلبة . عند قوله تعالى ( وهو القاهر فوق عباده ) في سورة الأنعام .

التالي السابق


الخدمات العلمية