الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            15233 وعن ابن إسحاق قال : كان في الأسارى يوم بدر أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس ختن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوج ابنته ، وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة ، وكان لهالة بنت خويلد [ وكانت ] خديجة خالته ، فسألت خديجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يزوجه زينب ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يخالفها ، وكان قبل أن ينزل عليه ، وكانت تعده بمنزلة ولدها ، فلما أكرم الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالنبوة ، وآمنت به خديجة وبناته ، وصدقنه وشهدن أن ما جاء به هو الحق ودن بدينه ، وثبت أبو العاص على شركه ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد زوج عتبة بن أبي لهب إحدى ابنتيه : رقية أو أم كلثوم ، فلما بادئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشا بأمر الله [ ص: 214 ] وبادوه ، قال : " إنكم قد فرغتم محمدا من همه ، فردوا عليه بناته فاشغلوه بهن " . فمشوا إلى أبي العاص بن الربيع ، فقالوا : فارق صاحبتك ، ونحن نزوجك أي امرأة شئت . فقال : لا هاء الله ، إذا لا أفارق صاحبتي ، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش . فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يثني عليه في صهره خيرا - فيما بلغني - . فمشوا إلى الفاسق عتبة بن أبي لهب ، فقالوا : طلق امرأتك بنت محمد ، ونحن نزوجك أي امرأة من قريش ، فقال : إن زوجتموني بنت أبان بن سعيد بن العاص [ أو بنت سعيد بن العاص فارقتها ] فزوجه بنت سعيد [ بن العاص ] . ففارقها ، ولم يكن عدو الله دخل بها ، فأخرجها الله من يده ; كرامة لها وهوانا له ، وخلف عثمان بن عفان عليها بعده ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحل بمكة ولا يحرم مغلوبا على أمره ، وكان الإسلام قد فرق بين زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أبي العاص بن الربيع ، إلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يقدر على أن يفرق بينهما ، فأقامت معه على إسلامها وهو على شركه ، حتى هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، وهي مقيمة معه بمكة ، فلما سارت قريش إلى بدر سار معهم أبو العاص بن الربيع ، فأصيب في الأسارى يوم بدر ، وكان بالمدينة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية