الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        879 [ ص: 316 ] ( 52 ) باب جامع الهدي

                                                                                                                        834 - مالك ، عن صدقة بن يسار المكي ; أن رجلا من أهل اليمن ، جاء إلى عبد الله بن عمر ، وقد ضفر رأسه . فقال : يا أبا عبد الرحمن . إني قدمت بعمرة مفردة . فقال له عبد الله بن عمر : لو كنت معك ، أو سألتني ، لأمرتك أن تقرن . فقال اليماني : قد كان ذلك . فقال عبد الله بن عمر : خذ ما تطاير من رأسك ، وأهد . فقالت امرأة من أهل العراق : ما هديه يا أبا عبد الرحمن ؟ فقال : هديه . فقالت له : ما هديه ؟ فقال عبد الله بن عمر : لو لم أجد إلا أن أذبح شاة ، لكان أحب إلي من أن أصوم .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        17821 - قال أبو عمر : في هذا الحديث أن للمحرم أن يضفر رأسه إلا أن من ضفر أو لبد أو عقص فعليه الحلاق عند عمر بن الخطاب ، وعند جماعة من العلماء بعده لما في التضفير من وقاية الرأس لأن لا يصل الغبار إلى جلده . 17822 - وفي هذا الحديث دليل على أن القران كان عند ابن عمر أولى من [ ص: 317 ] التمتع ، وقد كان في أول أمره يفضل التمتع ثم رجع إلى هذا ، وقال : ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت مع العمرة الحج . 17823 - وأما قول اليماني ( قد كان ذلك ) أي قد فات القران ; لأنه - والله أعلم - سأله بعد أن طاف وسعى لعمرته ، ولا سبيل إلى القران بعد ذلك ; لأن الحج لا يدخل على العمرة إلا قبل ذلك . 17824 - وأما أمر ابن عمر اليماني بالتقصير وقد ضفر ، فإنما ذلك ، والله أعلم ; لأنه رأى عليه حلق رأسه يوم النحر في حجه الذي تمتع بالعمرة إليه ، فأراد أن لا يحلق في العمرة ليحلق في الحج . 17825 - وأما قوله ( فأهد ) فإنه يريد هدي متعته . 17826 - ثم سئل ( ما الهدي ؟ ) فقال : إن لم أجد إلا شاة لكان أحب إلي من الصوم . 17827 - فهذا يرد رواية من روي عنه : الصيام أحب إلي من الشاة . 17828 - ورواية مالك عن صدقة بن يسار هذه أصح عنه ; لأنه معروف من مذهبه تفضيل إراقة الدماء في الحج على سائر الأعمال . 17829 - ويروى ( ما هديه ) وأما هديه ، وهو الأولى ; لأنه مما يهدى إلى الله عز وجل . 17830 - وعلى نحو هذا قول عبد الله بن مسعود : الصلاة أفضل من الصدقة ، والصدقة أفضل من الصوم .




                                                                                                                        الخدمات العلمية