الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما جاء في ماء زمزم 2056 - ( عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ماء زمزم لما شرب له . } رواه أحمد وابن ماجه ) .

                                                                                                                                            2057 - ( وعن عائشة { أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 104 ] كان يحمله . } رواه الترمذي وقال : حديث حسن غريب ) .

                                                                                                                                            2058 - ( وعن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى السقاية فاستسقى ، فقال العباس : يا فضل اذهب إلى أمك فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب من عندها ، فقال : اسقني ، فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهم يجعلون أيديهم فيه ، قال : اسقني فشرب ثم أتى زمزم وهم يستقون ويعملون فيها ، فقال : اعملوا فإنكم على عمل صالح ثم قال : لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل يعني : على عاتقه ، وأشار إلى عاتقه . } رواه البخاري )

                                                                                                                                            2059 - ( وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن آية ما بيننا وبين المنافقين لا يتضلعون من ماء زمزم } رواه ابن ماجه ) .

                                                                                                                                            2060 - ( وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ماء زمزم لما شرب له ، إن شربته تستشفي به شفاك الله ، وإن شربته يشبعك أشبعك الله به ، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله وهي هزمة جبريل وسقيا إسماعيل . } رواه الدارقطني )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث جابر أخرجه أيضا ابن أبي شيبة والبيهقي والدارقطني والحاكم وصححه المنذري والدمياطي وحسنه الحافظ وفي إسناده عبد الله بن المؤمل وقد تفرد به كما قال البيهقي ، وهو ضعيف وأعله ابن القطان به وقد رواه البيهقي من طريق أخرى عن جابر وفيها سويد بن سعيد وهو ضعيف جدا وإن كان مسلم قد أخرج له فإنما أخرج له في المتابعات قال الحافظ : وأيضا فكان أخذه عنه قبل أن يعمى ويفسد حديثه وكذلك أمر أحمد بن حنبل ابنه بالأخذ عنه كان قبل عماه ، ولما عمي صار يلقن فيتلقن . وقال يحيى بن معين : لو كان لي فرس ورمح لغزوت سويدا ، من شدة ما كان يذكر له عنه من المناكير وأخرجه الطبراني من طريق ثالثة وحديث عائشة أخرجه البيهقي والحاكم وصححه وحديث ابن عباس الأول أخرجه أيضا الدارقطني والحاكم من طريق ابن أبي مليكة قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : من أين جئت قال : شربت من ماء زمزم قال ابن عباس أشربت منها كما ينبغي قال : وكيف ذاك يا ابن عباس قال : إذا شربت منها فاستقبل القبلة واذكر [ ص: 105 ] اسم الله وتنفس ثلاثا وتضلع منها فإذا فرغت فاحمد الله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم } وحديثه الثاني أخرجه أيضا الحاكم وزاد الدارقطني على ما ذكره المصنف وإن شربته مستعيذا أعاذك الله قال : فكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال : اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء وهذا الحديث هو من طريق محمد بن سعيد الجارودي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال في التلخيص : والجارودي صدوق إلا أن روايته شاذة فقد رواه حفاظ أصحاب ابن عيينة كالحميدي وابن أبي عمر وغيرهما عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد من قول ابن عباس ومما يقوي الرفع ما أخرجه الدينوري في المجالسة قال : كنا عند ابن عيينة فجاء رجل فقال : يا أبا محمد الحديث الذي حدثتنا به عن ماء زمزم صحيح قال : نعم قال : فإني شربته الآن لتحدثني مائة حديث قال : اجلس فحدثه مائة حديث

                                                                                                                                            وفي الباب عن أبي ذر مرفوعا عند أبي داود الطيالسي في مسنده قال : { زمزم مباركة إنها طعام طعم وشفاء سقم } وهو بهذا اللفظ في صحيح مسلم وعن جابر غير حديث الباب عند مسلم { أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب منه } قوله : ( ماء زمزم لما شرب له ) فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمر شربه لأجله سواء كان من أمور الدنيا أو الآخرة ; لأن ما في قوله : لما شرب له من صيغ العموم .

                                                                                                                                            قوله : ( كان يحمله ) فيه دليل على أنه لا بأس بحمل ماء زمزم إلى المواطن الخارجة عن مكة قوله : ( لولا أن تغلبوا ) وذلك بأن يظن الناس أن النزع سنة فينزع كل رجل لنفسه فيغلب أهل السقاية عليها وفي الحديث استحباب الشرب من ماء زمزم وما قيل من أن الشرب جبلي فلا يدل على الاستحباب إذ لا تأسي في الجبلي مدفوع بأن القصد إلى ذلك المحل والأمر بالنزع وإعطاء أسامة الفضلة ليشربها من غير أن يستدعي الماء كما في صحيح مسلم مما يدل على أن الشرب للفضيلة لا للحاجة قوله : ( لا يتضلعون ) أي : لا يروون من ماء زمزم قال في القاموس : وتضلع امتلأ شبعا أو ريا حتى بلغ الماء أضلاعه انتهى قوله : ( هزمة ) بالزاي أي : حفرة جبريل لأنه ضربها برجله فنبع الماء قال في القاموس : هزمه يهزمه : غمزه بيده فصارت فيه حفرة ثم قال : والهزائم : البئار الكبيرة الغزر الماء قوله : ( وسقيا إسماعيل ) أي : أظهره الله ليسقي به إسماعيل في أول الأمر .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية