الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحمد بن إبراهيم بن نومرد

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الفقيه ، أحد أصحاب ابن سريج ، خرج من الحمام ، فسقط عليه ، فمات من فوره ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بجكم التركي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الذي تولى إمرة الأمراء ببغداد قبل بني بويه ، وكان عاقلا يفهم بالعربية ولا يتكلم بها ، يقول : أخاف أن أخطئ ، والخطأ من الرئيس قبيح .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 136 ] وكان مع ذلك يحب العلم وأهله ، وكان كثير الأموال والصدقات ، ابتدأ بعمل مارستان ببغداد فلم يتم ، فجدده عضد الدولة بن بويه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان يقول : العدل أربح للسلطان في الدنيا والآخرة . وكان يدفن أموالا كثيرة في الصحاري ، فلما مات لم يدر أين هي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان ندماء الراضي قد انحدروا إلى بجكم وهو بواسط ، وكان قد ضمنها بثمانمائة ألف دينار ، فكانوا يسامرونه كالخليفة ، فكان لا يفهم أكثر ما يقولون ، وراض له مزاجه الطبيب سنان بن ثابت الصابئ حتى لان خلقه ، وحسنت سيرته ، وقلت سطوته ، ولكن لم يعمر إلا قليلا بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ودخل عليه مرة رجل فوعظه فأبكاه ، فأمر له بألف درهم ، فلحقه بها الغلام ، فقال بجكم لجلسائه : ما أظنه يقبلها ولا يريدها ، وما يصنع هذا بالدنيا ؟ هذا محرق بالعبادة . فرجع الغلام وليس معه شيء ، فقال : قبلها ؟ قال : نعم . فقال بجكم : كلنا صيادون ولكن الشباك تختلف .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكانت وفاته لسبع بقين من رجب من هذه السنة ، وسبب موته أنه خرج يتصيد ، فلقي طائفة من الأكراد ، فاستهان بهم ، فقاتلوه فضربه رجل منهم فقتله . وكانت إمرته على بغداد سنتين وثمانية أشهر وتسعة أيام ، وخلف من الأموال والحواصل ما ينيف على ألفي ألف دينار ، أخذها المتقي لله كلها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 137 ] أبو محمد البربهاري الواعظ الحسن بن علي بن خلف أبو محمد البربهاري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      العالم الزاهد الفقيه الحنبلي الواعظ ، صاحب المروذي وسهلا التستري ، وتنزه عن ميراث أبيه - وكان سبعين ألفا - لأمر كرهه . وكان شديدا على أهل البدع والمعاصي ، وكان كبير القدر عند الخاصة والعامة ، وقد عطس يوما وهو يعظ الناس ، فشمته الحاضرون ، ثم شمته من سمعهم ، حتى شمته أهل بغداد فانتهت الضجة إلى دار الخلافة ، فغار الخليفة من ذلك ، وتكلم فيه جماعة من أرباب الدولة فطلب فاستتر عند أخت توزون شهرا ، ثم أخذه القيام فمات عندها ، فأمرت خادمها أن يصلي عليه ، فصلى عليه ، فامتلأت الدار رجالا عليهم ثياب بيض ، فدفنته عندها ، ثم أوصت أن تدفن عنده ، وكان عمره يوم مات ستا وتسعين سنة ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول أبو بكر الأزرق

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لأنه كان أزرق العينين ، التنوخي الكاتب ، سمع جده ، والزبير بن بكار

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 138 ] والحسن بن عرفة وغيرهم ، وكان خشن العيش ، كثير الصدقة ، يقال : إنه تصدق بمائة ألف دينار . وكان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر ، روى عنه الدارقطني وغيره من الحفاظ ، وكان ثقة عدلا . توفي في ذي الحجة من هذه السنة عن ثنتين وتسعين سنة ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية