الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2197 باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟

                                                                                                                              وهو في النووي في الباب المتقدم.

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 234 - 235 ج 8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [حدثنا قتادة أن أنسا (رضي الله عنه) أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اعتمر أربع عمر، كلهن في ذي القعدة، (إلا التي مع حجته) : عمرة من الحديبية أو (زمن الحديبية) في ذي القعدة وعمرة من العام [ ص: 616 ] المقبل (في ذي القعدة) . وعمرة من جعرانة (حيث قسم غنائم حنين) في ذي القعدة. وعمرة مع حجته .

                                                                                                                              وفي رواية ابن عمر (أربع عمر إحداهن في رجب) ، وأنكرت ذلك عائشة ، وقالت : لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قط في رجب .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              فالحاصل من رواية أنس وابن عمر: اتفاقهما على أربع عمر ; وكانت إحداهن: في ذي القعدة (عام الحديبية ، سنة ست من الهجرة ، وصدوا فيها: فتحللوا ، وحسبت لهم عمرة.

                                                                                                                              والثانية: في ذي القعدة ، وهي سنة سبع ، وهي عمرة القضاء.

                                                                                                                              والثالثة: في ذي القعدة ، سنة ثمان ، وهي عام الفتح.

                                                                                                                              والرابعة: مع حجته ، وكان إحرامها في ذي القعدة ، وأعمالها في ذي الحجة.

                                                                                                                              وأما عمرته صلى الله عليه وسلم في رجب ، فقال أهل العلم: إنه اشتبه على ابن عمر ، أو نسي ، أو شك. ولهذا سكت عن الإنكار على عائشة (رضي الله عنها) ; ومراجعتها بالكلام.

                                                                                                                              قال النووي: وهذا هو الصواب ، الذي يتعين المصير إليه.

                                                                                                                              [ ص: 617 ] قال عياض: حديث أنس: أن الرابعة كانت مع حجته ، يدل على أنه كان قارنا.

                                                                                                                              قال: وقد رده كثير من الصحابة.

                                                                                                                              قال: وقد قلنا: إن الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردا، وهذا يرد قول أنس. وردت عائشة قول ابن عمر ، فحصل: أن الصحيح ثلاث عمر.

                                                                                                                              قال: ولا يعلم للنبي صلى الله عليه وسلم اعتمار ، إلا ما ذكرناه.

                                                                                                                              قال: واعتمد مالك في الموطإ على أنهن: ثلاث عمر. انتهى.

                                                                                                                              قال النووي: هو قول ضعيف ، بل باطل. والصواب: أنه صلى الله عليه وسلم ، اعتمر أربع عمر ، كما صرح به أنس ، وابن عمر ، وجزما الرواية به ، فلا يجوز رد روايتهما بغير جازم.

                                                                                                                              وأما قوله: كان صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مفردا لا قارنا ، فليس كما قال. بل الصواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردا في أول إحرامه ، ثم أحرم بالعمرة فصار قارنا.

                                                                                                                              قال: ولا بد من هذا التأويل. انتهى.

                                                                                                                              والمسألة سبقت في موضعها مفصلة ، فراجعها.

                                                                                                                              [ ص: 618 ] قال أهل العلم: وإنما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم هذه العمر في ذي القعدة ، لفضيلة هذا الشهر ، ولمخالفة الجاهلية في ذلك ، فإنهم كانوا يرونه: من أفجر الفجور ، كما سبق. ففعله صلى الله عليه وسلم مرات في هذه الأشهر ، ليكون أبلغ في بيان جوازه فيها ، وأبلغ في إبطال ما كانت الجاهلية عليه. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية