الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم هذا نزلهم يوم الدين

                                                                                                                                                                                                                                        وظل من يحموم فيه قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما الدخان ، قاله أبو مالك.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنها نار سوداء ، قاله ابن عباس . لا بارد ولا كريم فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: لا بارد المدخل ، ولا كريم المخرج ، قاله ابن جريج .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لا كرامة فيه لأهله. [ ص: 457 ] ويحتمل ثالثا: أن يريد لا طيب ولا نافع. إنهم كانوا قبل ذلك مترفين فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: منعمين ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: مشركين ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل وصفهم بالترف وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: التهاؤهم عن الاعتبار وشغلهم عن الازدجار.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لأن عذاب المترف أشد ألما. وكانوا يصرون على الحنث العظيم فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنه الشرك بالله ، قاله الحسن ، والضحاك ، وابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: الذنب العظيم الذي لا يتوبون منه ، قاله قتادة ، و مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: هو اليمين الغموس ، قاله الشعبي.

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل رابعا: أن يكون الحنث العظيم نقض العهد المحصن بالكفر. فشاربون شرب الهيم فيه أربعة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنها الأرض الرملة التي لا تروى بالماء ، وهي هيام الأرض ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنها الإبل التي يواصلها الهيام وهو داء يحدث عطشا فلا تزال الإبل تشرب الماء حتى تموت ، قاله عكرمة ، والسدي ، ومنه قول قيس بن الملوح


                                                                                                                                                                                                                                        يقال به داء الهيام أصابه وقد علمت نفسي مكان شفائيا

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أن الهيم الإبل الضوال لأنها تهيم في الأرض لا تجد ماء فإذا وجدته فلا شيء أعظم منها شربا.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أن شرب الهيم هو أن تمد الشرب مرة واحدة إلى أن تتنفس ثلاث مرات ، قاله خالد بن معدان ، فوصف شربهم الحميم بأنه كشرب الهيم لأنه أكثر شربا فكان أزيد عذابا. هذا نزلهم يوم الدين أي طعامهم وشرابهم يوم الجزاء ، يعني في جهنم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية