الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب النهي عن إبدال الهدي المعين 2078 - ( عن ابن عمر قال : { أهدى عمر نجيبا فأعطي بها ثلاثمائة دينار فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أهديت نجيبا فأعطيت بها ثلاثمائة دينار فأبيعها وأشتري بثمنها بدنا ، قال : لا انحرها إياها . } رواه أحمد وأبو داود والبخاري في تاريخه )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما قوله : ( نجيبا ) النجيب والنجيبة الناقة والجمع نجائب .

                                                                                                                                            وفي النهاية : [ ص: 119 ] النجيب : الفاضل من كل حيوان . والحديث يدل على أنه لا يجوز بيع الهدي لإبدال مثله أو أفضل ثم قال : وقد تكرر في الحديث ذكر النجيب من الإبل مفردا ومجموعا وهو القوي منها الخفيف السريع ا هـ . وقد جوزت الهادوية ذلك وأجاب صاحب البحر على حديث الباب بأنه حكاية فعل لا يعلم وجهها فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم رأى نجيبه أفضل ولا يخفى أن رد السنن الفعلية بمثل هذا يستلزم رد أكثر أفعاله ويستلزم رد ما لا يعلم وجهه من أقواله ، فيفضي ذلك إلى رد أكثر السنة ، وذلك باطل مخالف للآيات القرآنية القاضية باتباع الرسول والتأسي به والأخذ بما أتى به ; لأنها لم تفرق بين ما علم وجهه وما جهل فمن ادعى اعتبار العلم فعليه الدليل .

                                                                                                                                            على أن هذه المقالة قد صارت عصا يتوكأ بها من رام صيانة مذهبه إذا خالف الثابت من فعله صلى الله عليه وسلم وإن كان له وجه أوضح من الشمس ، ثم إنهم يحتجون بأفعاله إذا وافقت المذاهب ولا يقيدون الاحتجاج بمثل هذا القيد وما أكثر هذا الصنع في تصرفاتهم لمن تتبع فليأخذ المصنف من ذلك حذره فإن المعذرة الباردة في طرح سنة صحيحة مما لا ينفق عند الله ، ولا سيما إذا كان ذلك القصد الذب عن محض الرأي وأما الاحتجاج على الجواز بإشراكه صلى الله عليه وسلم عليا عليه السلام في هديه وتصرفه عن العمرة إلى الإحصار فخارج عن محل النزاع ; لأن ذلك تصرف لا يخرج العين عن كونها هديا ولا يبطل به الحق الذي قد تعلق بها للمصرف وأيضا صحة الاحتجاج بالإشراك متوقفة على معرفة صلى الله عليه وسلم أنه ساق جميع الهدي الذي أشرك عليا فيه عن نفسه وهو ممنوع والسند أنه لم يقلد ويشعر من ذلك الهدي الذي وقع فيه الإشراك إلا ناقة واحدة

                                                                                                                                            وأيضا ثبت أنه كان يسوق عن أهله جميعا وعلي عليه السلام منهم ، نعم إن صح ما ادعاه صاحب ضوء النهار من الإجماع على جواز إبدال الأدون بأفضل كان حجة عند من يرى حجية الإجماع على جواز مجرد الإبدال بالأفضل ولكنه ينبغي أن يبحث عن صحة ذلك فإن الشافعي وبعض الحنفية قد احتجوا بالحديث على المنع من مطلق التصرف ولو كان للإبدال بأفضل كما حكاه صاحب البحر وأما دعوى أن الواحدة النجيبة أظهر في تعظيم الشعائر من غيرها وإن كان كثيرا فممنوع والسند ظاهر . .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية