الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 3257 ] كتاب حريم الآبار

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ف) نسخة فرنسا رقم (1071)

                                                                                                                                                                                        2 - (ق 2) نسخة القرويين رقم (370)

                                                                                                                                                                                        3 - (ق 6) نسخة القرويين رقم (368)

                                                                                                                                                                                        [ ص: 3258 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 3259 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        صلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما

                                                                                                                                                                                        كتاب حريم الآبار

                                                                                                                                                                                        باب في حريم الآبار والأنهار والأشجار

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم: ليس للبئر حريم محدود إلا ما أضر به، قال مالك: فقد تكون أرضا رخوة وأخرى صلبة، فإنما ذلك على قدر الضرر بالبئر، فإن كان لا يضر بالماء; لأنها في أرض صلبة فإنه يمنع إذا كان يضر بالمناخ والمعاطن. يريد: أن حده بالضرر ليس بالقيس، فمن حق الأول أن يمنع الثاني من أن يضر به في باطن الأرض، وظاهرها. وباطنها: ما ينقص الماء ويذهب به، وظاهرها: ما يضر به في مناخ الإبل أو مرعى أو مزدرع إن كانت أرض زرع. وحفر الثاني إذا كان يضر بالأول على ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                        ممنوع وجائز ومختلف فيه، وذلك راجع إلى الأرضين، هل هما مملوكتان أو غير مملوكتين أو إحداهما مملوكة. فإن كانتا غير مملوكتين، فإنما الأولى للماشية.

                                                                                                                                                                                        أو كانت الأولى مملوكة، منع الثاني من أن يحفر بحيث يضر بالأول. [ ص: 3260 ]

                                                                                                                                                                                        وإن كانتا مملوكتين -وعلم أيهما اختط أولا- كان الأول أحق، وإن كان آخرهما حفرا، وسواء انقطع ماء الذي احتفر أولا أو انتقص; لأن من ملك أرضا ملك باطنها، والذي اختط أولا سبق ملكه لذلك الماء ، وليس تأخره عن الحفر لاستغنائه يقطع حقه فيه الآن إلا أن يحفر الثاني فيتركه الأول وهو عالم بمضرته متى احتاج إليه، فليس له أن يحفر; لأنه أسقط حقه فيها، وقد اختلف في هذا الأصل، واختلف إذا لم يعلم أيهما اختط قبل، وقد قال مالك: لمن احتفر أولا أن يمنع الثاني . وروى عنه أشهب أنه قال: له أن يمنع إذا كان للثاني مندوحة عن الحفر هناك ولا يمنع إن لم تكن له مندوحة عنه ، فوجه الأول أن الماء في يد الذي احتفر أولا، ومحتمل أن يكون هو المختط أو آباؤه، أو من ابتاع منه فلا ينتزع منه بالشك، ووجه القول الآخر أن كل واحد مالك لبطن أرضه، وممكن أن يكون من صارت إليه عنه اختط أولا، فلا يمنع بالشك، وأرى أن ينظر إلى جريان الماء، فإن كان يأتي من أرض الذي احتفر أولا ردم على الثاني، وإن كان من أرض الذي احتفر آخرا إلى أرض صاحبه لم يمنع; لأنه يقول: هو مائي كان يصل إليك لاستغنائي عنه، فإذا احتجت إليه كنت أحق به، ولو أحدث بئرا للنجاسات فأضر بئر جاره ردمت عليه قولا واحدا، وليس كالأول، وبلوغ النجاسات إلى أرض جاره كبلوغ [ ص: 3261 ] الدخان وغيره في الظاهر.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية