الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1515 مسألة :

                                                                                                                                                                                          ولا يحل بيع الهر فمن اضطر إليه لأذى الفأر فواجب وعلى من عنده منها فضل عن حاجته أن يعطيه منها ما يدفع به الله تعالى عنه الضرر : كما قلنا فيمن اضطر إلى الكلب ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك : ما روينا من طريق مسلم حدثني سلمة بن شبيب قال : نا الحسن بن أعين نا معقل عن { أبي الزبير قال : سألت جابر بن عبد الله عن ثمن الكلب والسنور ؟ فقال : زجر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . }

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : الزجر أشد النهي .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق قاسم بن أصبغ نا محمد بن وضاح نا محمد بن آدم نا عبد الله بن المبارك نا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه كره ثمن الكلب والسنور .

                                                                                                                                                                                          فهذه فتيا جابر لما روي ولا نعرف له مخالفا من الصحابة .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق سعيد بن منصور نا أبو الأحوص عن ليث عن طاوس ، ومجاهد أنهما كرها أن يستمتع بمسوك السنانير ، وأثمانها .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ابن أبي شيبة نا حفص هو ابن غياث عن ليث عن طاوس ، ومجاهد أنهما كرها بيع الهر ، وثمنه ، وأكله وهو قول أبي سليمان ; وجميع أصحابنا .

                                                                                                                                                                                          وزعم بعض من لا علم له ، ولا ورع يزجره عن الكذب : أن ابن عباس ، وأبا هريرة : رويا { عن النبي صلى الله عليه وسلم إباحة ثمن الهر } [ ص: 499 ]

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وهذا لا نعلمه أصلا من طريق واهية تعرف عند أهل النقل ، وأما صحيحة فنقطع بكذب من ادعى ذلك جملة .

                                                                                                                                                                                          وأما الوضع في الحديث فباق ما دام إبليس وأتباعه في الأرض .

                                                                                                                                                                                          ثم لو صح لهم لما كان لهم فيه حجة ; لأنه كان يكون موافقا لمعهود الأصل بلا شك ، ولا مرية في أن حين زجره عليه السلام عن ثمنه بطلت الإباحة السالفة ، ونسخت بيقين لا مجال للشك فيه ، فمن ادعى أن المنسوخ قد عاد فقد كذب وافترى وأفك وقفا ما لا علم له به ، وحاش لله أن يعود ما نسخ ، ثم لا يأتي بيان بذلك تقوم به حجة الله تعالى فيما نسخ وفيما بقي على المأمورين بذلك من عباده .

                                                                                                                                                                                          هيهات دين الله عز وجل أعز من ذلك وأحرز .

                                                                                                                                                                                          وقال المبيحون له : لما صح الإجماع على وجوب دخول الهر ، والكلب المباح اتخاذه في الميراث ، والوصية ، والملك : جاز بيعهما .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وهذا مما جاهروا فيه بالباطل ، وبخلاف أصولهم : أول ذلك : أنه دعوى بلا برهان ثم إنهم يجيزون دخول النحل ، ودود الحرير في الميراث ، والوصية ، وكذلك الكلب عندهم ، ولا يجيزون بيع شيء من ذلك .

                                                                                                                                                                                          ويجيزون الوصية بما لم يخلق بعد من ثمر النخل وغيرها ، ويدخلونه في الميراث .

                                                                                                                                                                                          ولا يجيزون بيع شيء من ذلك ، فظهر تخاذلهم وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية