الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير .

                                                                                                                                                                                                                                      ولكل أي: ولكل أمة من الأمم؛ على أن التنوين عوض من المضاف إليه؛ وجهة ؛ أي: قبلة؛ وقد قرئ كذلك؛ أو لكل قوم من المسلمين جانب من جوانب الكعبة؛ هو موليها : أحد المفعولين محذوف؛ أي: موليها وجهه؛ أو: الله موليها إياه؛ وقرئ: "ولكل وجهة"؛ بالإضافة؛ والمعنى: ولكل وجهة الله موليها أهلها؛ واللام مزيدة للتأكيد؛ وجبر ضعف العامل؛ وقرئ: "مولاها"؛ أي: مولى تلك الجهة؛ قد وليها؛ فاستبقوا الخيرات ؛ أي: تسابقوا إليها؛ بنزع الجار؛ كما في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      ثنائي عليكم آل حرب ومن يمل ... سواكم فإني مهتد غير مائل



                                                                                                                                                                                                                                      وهو أبلغ من الأمر بالمسارعة؛ لما فيه من الحث على إحراز قصب السبق؛ والمراد بـ "الخيرات": جميع أنواعها؛ من أمر القبلة؛ وغيره؛ مما ينال به سعادة الدارين؛ أو الفاضلات من الجهات؛ وهي المسامتة للكعبة؛ أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا : أي: في أي موضع تكونوا من موافق؛ أو مخالف؛ مجتمع الأجزاء؛ أو متفرقها؛ يحشركم الله (تعالى) إلى المحشر؛ للجزاء؛ أو: أينما تكونوا من أعماق الأرض؛ وقلل الجبال؛ يقبض أرواحكم؛ أو: أينما تكونوا من الجهات المختلفة؛ المتقابلة؛ يجعل صلواتكم كأنها صلاة إلى جهة واحدة؛ إن الله على كل شيء قدير ؛ فيقدر على الإماتة؛ والإحياء؛ والجمع ؛ فهو تعليل للحكم السابق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية