الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما يجتنبه في العشر من أراد التضحية [ ص: 133 ] عن أم سلمة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره } . رواه الجماعة إلا البخاري . ولفظ أبي داود وهو لمسلم والنسائي أيضا : { من كان له ذبح يذبحه ، فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره وأظفاره حتى يضحي } )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            . قوله : ( ذبح ) بكسر الذال أي : حيوان يريد ذبحه فهو فعل بمعنى مفعول كحمل بمعنى محمول . ومنه قوله تعالى: { وفديناه بذبح عظيم } الحديث استدل به على مشروعية ترك أخذ الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي وقد اختلف العلماء في ذلك فذهب سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعي إلى أنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية وقال الشافعي وأصحابه : هو مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام . وحكى الإمام المهدي في البحر عن الإمام يحيى والهادوية والشافعي أن ترك الحلق والتقصير لمن أراد التضحية مستحب وقال أبو حنيفة : لا يكره ، والحديث يرد عليه ، وقال مالك في رواية : لا يكره ، وفي رواية : يكره ، وفي رواية : يحرم في التطوع دون الواجب واحتج من قال بالتحريم بحديث الباب ; لأن النهي ظاهر في ذلك .

                                                                                                                                            واحتج الشافعي بحديث عائشة المتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يبعث بهديه ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر هديه } فجعل هذا الحديث مقتضيا لحمل حديث الباب على كراهة التنزيه ولا يخفى أن حديث الباب أخص منه مطلقا فيبنى العام على الخاص ويكون الظاهر مع من قال بالتحريم ولكن على من أراد التضحية قال أصحاب الشافعي : والمراد بالنهي عن أخذ الظفر والشعر النهي عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذه بنورة أو غير ذلك من شعور بدنه قال إبراهيم المروزي وغيره من أصحاب الشافعي : حكم أجزاء البدن كلها حكم الشعر والظفر .

                                                                                                                                            ودليله ما ثبت في رواية لمسلم { فلا يمسن من شعره وبشره شيئا } ، والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء للعتق من النار . وقيل : للتشبه بالمحرم ، حكى هذين الوجهين النووي وحكي عن أصحاب الشافعي أن الوجه الثاني غلط ; لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية