الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله عز وجل:

هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم

لما قال تعالى: من خشية الله جاء بالأوصاف التي توجب لمخلوقاته هذه الخشية، و "الغيب" ما غاب عن المخلوقين، و "الشهادة": ما شاهدوه، وقال حرب المكي: الغيب الآخرة والشهادة الدنيا، قرأ جمهور الناس: "القدوس" بضم القاف، وهو فعل من تقدس إذا تطهر، وحظيرة القدس الجنة لأنها طاهرة، ومنه: روح القدس، ومنه الأرض المقدسة، بيت المقدس، وروي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قرأ: "القدوس" بفتح القاف، وهي لغة. و"السلام" معناه: الذي سلم من جوره، وهذا اسم على حذف مضاف، أي: ذو السلام ، لأن الإيمان به وتوحيده وأفعاله هي لمن آمن سلام كلها. و"المؤمن" اسم فاعل من "آمن" بمعنى "أمن" وقال أحمد بن يحيى ثعلب معناه: المصدق للمؤمنين في أنهم آمنوا، قال النحاس : أو في شهادتهم على الناس في القيامة، وقال ناس من المتأولين: معناه: المصدق نفسه في أقواله الأزلية، لا إله غيره، و"المهيمن" معناه: الأمين والحفيظ، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، وقال مؤرج: المهيمن: الشاهد بلغة قريش، وهذا بناء لم يجئ منه في الصفات إلا مهيمن ومسيطر ومبيقر ومبيطر، وجاء منه في الأسماء "محيمر" وهو اسم واد و"مديبر". و "الجبار" هو الذي لا يدانيه شيء ولا يلحق رتبته، ومنه "نخلة جبارة" إذا لم تلحق، وأنشد الزهراوي : [ ص: 275 ]


أطافت به جيلان عند قطافه وردت إليه الماء حتى تجبرا



و"المتكبر" معناه: الذي له التكبر حقا.

ثم نزه الله تعالى نفسه عن إشراك الكفار به الأصنام التي ليس لها شيء من هذه الصفات، و "البارئ" بمعنى: الخالق، برأ الله تعالى الخلق، أي: أوجدهم، و "المصور" هو الذي يوجد الصور، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه : "المصور"، على إعمال "البارئ" فيه، وهي حسنة، يراد بها الحسن في الصور، وقال قوم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه قرأ: "المصور" بفتح الواو وكسر الراء، على قولهم: "الحسن الوجه".

وقوله تعالى: له الأسماء الحسنى أي: ذات الحسن في معانيها القائمة بذاته لا إله إلا هو، وهذه الأسماء هي التي حصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "إن الله تعالى تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة"، ، وقد ذكرها الترمذي وغيره مسندة، واختلف الرواة في بعضها، ولم يصح فيها شيء إلا إحصاؤها دون تعيين، وباقي الآية بين.

كمل تفسير سورة [الحشر] والحمد لله رب العالمين.

التالي السابق


الخدمات العلمية