الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مطلب : في استحباب تسليم الرجل على أهل بيته .

( وسلم ) استحبابا ( إذا ما جئت ) أي : زمان مجيئك ( بيتك ) على أهله ( تهتد ) لمتابعة السنة الغراء ، وفعلك الذي هو خير وأحرى .

أخرج الترمذي وقال : حسن غريب عن أنس رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم { يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تكون بركة عليك وعلى أهل بيتك } .

وقول الناظم بيتك مجاراة للفظ الحديث وإلا فبيت غيره كبيته ، فيسن أن يسلم إن دخل بيته أو بيتا مسكونا له أو لغيره لقوله تعالى { فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله } .

وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا ولج أحدكم بيته فليقل : اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج ، بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا ، وعلى الله ربنا توكلنا ، ثم ليسلم على أهله } رواه أبو داود .

وشمل إطلاق قول الناظم ( وسلم إذا ما جئت بيتك ) ما إذا كان بيته خاليا وهو مراد .

قال في الآداب الكبرى : ومن دخل بيتا خاليا سلم على نفسه وعلى الملائكة ورد هو السلام على نفسه كما في الرعاية ، ولم يذكر غيره أنه يرد السلام على نفسه .

قال ابن مفلح ويعايى بهذه المسألة أن المسلم هو يرد السلام .

ويتوجه منه تخريج فيمن عطس وليس بحضرته أحد أنه يرد على [ ص: 292 ] نفسه .

وظاهر كلام بعضهم اختصاص البيت المسكون بالسلام دون الخالي واختاره ابن العربي من المالكية .

وروى سعيد بإسناد جيد عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا دخل بيتا ليس فيه أحد قال : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ولم يرد ابن عمر السلام على نفسه .

وقال الشيخ وجيه الدين في شرح الهداية : إذا دخل بيتا خاليا أو مسجدا خاليا فليقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لقوله تعالى { فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم } وقال ابن الجوزي : في الآية أقوال ، قيل : بيوت أنفسكم فسلموا على أهاليكم وعيالكم ، وقيل : المساجد سلموا على من فيها ، وقيل : المعنى إذا دخلتم بيوت غيركم فسلموا عليهم .

والذي قاله وجيه الدين قاله جماعة من المالكية والشافعية ، وذكره القرطبي في تفسير الآية عن ابن عباس وجابر وعطاء ، فحصل مما ذكرنا أن من دخل بيتا خاليا سلم بقوله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .

والمعتمد لا يجب الرد خلافا لظاهر الرعاية ، ولعله لا يستحب ، والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية