الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) المختار أن القياس المظنون لا يكون ناسخا ولا منسوخا .

            أما الأول - فلأن ما قبله إن كان قطعيا ، لم ينسخ بالمظنون .

            وإن كان ظنيا تبين زوال شرط العمل به ، وهو رجحانه ; لأنه ثبت مقيدا ، كان المصيب واحدا أو لا .

            وأما الثاني - فلأن ما بعده - قطعيا أو ظنيا - تبين زوال شرط العمل به .

            وأما المقطوع - فينسخ بالمقطوع في حياته ، وأما بعده - فتبين أنه كان منسوخا .

            قالوا : صح التخصيص فيصح .

            [ ص: 558 ] قلنا : منقوض بالإجماع والعقل وخبر الواحد .

            التالي السابق


            ش - اعلم أن القياس المقطوع هو ما يكون حكم أصله والعلة ووجودها في الفرع قطعيا .

            والمظنون ما لا يكون كذلك ، بل يكون بعضها قطعيا ، والباقي ظنيا ، أو لا يكون واحد منها قطعيا .

            والمختار عند المصنف أن القياس المظنون لا يكون ناسخا ولا منسوخا .

            أما الأول - وهو أن القياس المظنون لا يكون ناسخا - فلأن ما قبله ؛ أي ما قبل القياس المظنون ، وهو الذي ينسخ بالقياس المظنون ، إن كان قطعيا - لا يكون القياس المظنون ناسخا له ; لأن المقطوع لا ينسخ بالمظنون .

            وإن كان ما قبل القياس المظنون ظنيا تبين بالقياس المظنون زوال شرط العمل به ، وهو رجحانه ; لأن العمل بالمظنون الذي هو قبل القياس المظنون مقيد برجحانه على معارضه ، سواء كان المصيب واحدا أو لا .

            وإذا زال شرط العمل به لم يكن ثابتا ، وإذا لم يكن ثابتا لا يكون منسوخا بالقياس المظنون ؛ لأن النسخ بعد الثبوت .

            وأما الثاني - وهو أن القياس المظنون لا يكون منسوخا - فلأن ما بعد القياس المظنون قطعيا أو ظنيا تبين زوال شرط العمل بالقياس المظنون ، وهو رجحانه ، كما بينا في الأول ، وإذا زال شرط العمل به لا يكون منسوخا لما مر .

            [ ص: 559 ] وأما القياس المقطوع فينسخ بدليل مقطوع في حياة الرسول - عليه السلام - ; لأن حكم هذا القياس كحكم النص القاطع ، فكما جاز نسخ القاطع بالقاطع فكذلك جاز نسخ القياس القطعي بالقاطع .

            وأما بعد الرسول - عليه السلام - فلو عمل المجتهد بالقياس القطعي ، لعدم اطلاعه على ناسخه ، ثم اطلع على الناسخ تبين أنه كان منسوخا في عهد الرسول .

            القائلون بأن القياس المظنون يجوز أن يكون ناسخا ، قالوا : صح التخصيص بالقياس المظنون ، فيصح النسخ به ; لأن النسخ بيان كالتخصيص .

            أجاب بأن هذا الدليل منقوض بالإجماع والعقل وخبر الواحد ؛ فإنه يجوز التخصيص بكل منها ، ولا يجوز النسخ به .




            الخدمات العلمية