الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          السادس الغارمون إما لإصلاح ذات البين قال في العمدة وابن تميم وفي الرعاية الكبرى : من المسلمين ، فيأخذ ما غرم ولو كان غنيا ، خلافا لابن عقيل وإما غارم لنفسه في مباح ، أو اشترى نفسه من الكفار ، فيعطى قدره مع فقره ، فلو فضل عن الكفاية بقدر بعضه أعطي بقدر بقيته وقيل : وغناه ( و ق ) ونقله محمد بن الحكم ، وتأوله القاضي على أنه بقدر كفايته ، وإذا قلنا الغني من له خمسون درهما لم يمنع ذلك الأخذ بالغرم ، في أصح الروايتين . فعلى هذا من له مائة وعليه مثلها أعطي خمسين ، وإن كان عليه أكثر ترك له مما معه خمسون وأعطي تمام دينه ، والثانية يمنع ، فلا يعطى حتى يصرف ما في يده ، ولا يزاد على خمسين ، فإذا صرفها في دينه أعطي مثلها حتى يقضي دينه ومذهب ( م ) من عليه دين ومعه بقدره أو قدر بعضه أعطي بقدر كمال وفاء الدين ، [ ص: 617 ] ومن له ألف وعليه ألفان وله دار أو خادم يساوي ألفين لم يعط شيئا ، فإن أدى الألف في دينه ولم يكن في الدار أو الخادم فضل يغنيه أعطي وكان من الفقراء والغارمين ، هذا مذهبه والله أعلم . ولا يقبل قوله إنه غارم ، بلا بينة ، ويقبل إن صدقه غريمه ، في الأصح ، ومن غرم في معصية لم يدفع إليه شيء ، فإن تاب دفع إليه ، في الأصح .

                                                                                                          ولو أتلف ماله في المعاصي حتى افتقر دفع إليه من سهم الفقراء ، وإن دفع إلى الغارم ما يقضي به دينه لم يجز صرفه في غيره وإن كان فقيرا ، وكذا المكاتب والغازي لا يصرف ما يأخذه إلا لجهة واحدة ، وإن دفع إلى الغارم لفقره جاز أن يقضي به دينه ، وحكي وجه ، وإن أبرئ الغريم أو قضى دينه من غير الزكاة استرد منه ، على الأصح ، ذكره جماعة ، وجزم به آخرون ، وذكره صاحب المحرر ظاهر المذهب ( و ش ) ثم قال : وقال القاضي في تعليقه : هو على الروايتين في المكاتب ، فإن قلنا أخذه هناك مستقر فكذا هنا ، قدمه ابن تميم وغيره ، قال : فإن كان فقيرا فله إمساكها ولا تؤخذ منه ، ذكره القاضي .

                                                                                                          وقال القاضي في موضع وقاله غيره : إذا اجتمع الغرم والفقر في موضع واحد أخذ بهما ، فإن أعطي للفقر فله صرفه في الدين ، وإن أعطي للغرم لم يصرفه في غيره ، فالمذهب أن من أخذ بسبب يستقر الأخذ به وهو الفقر والمسكنة والعمالة والتأليف صرفه فيما شاء كسائر ماله ، وإن لم يستقر صرفه فيما أخذه له خاصة ، لعدم ثبوت ملكه عليه من كل وجه ، [ ص: 618 ] ولهذا يسترد منه إذا أبرئ ، أو لم يغرم ومن تحمل بسبب إتلاف مال أو نهب أخذ من الزكاة ، وكذا إن ضمن عن غيره مالا وهما معسران جاز الدفع إلى كل [ واحد ] منهما . وقيل : يجوز الدفع أيضا إن كان الأصيل معسرا والحميل موسرا . وفي الترغيب : يجوز إن ضمن معسر موسرا بلا أمره ، ويأخذ الغارم لذات البين قبل حلول دينه ، وفي الغارم لنفسه الوجهان .

                                                                                                          [ ص: 618 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 618 ] تنبيهان أحدهما ) قوله " يأخذ الغريم لذات البين قبل حلول دينه ، وفي الغارم لنفسه الوجهان " لعله أراد بالوجهين الوجهين اللذين في المكاتب قبل أن يحل النجم ، فإن كان أراد ذلك فالصحيح من المذهب جواز الأخذ قبل حله ، نص عليه ، وقدمه المصنف وغيره .




                                                                                                          الخدمات العلمية