الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 516 ] سورة الممتحنة

                                                                                                                                                                                                                                        مدنية في قول الجميع

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد التوجه إلى مكة أظهر أنه يريد خيبر ، وكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن النبي صلى الله عليه وسلم خارج إليهم وأرسل مع امرأة ذكر [ ص: 517 ] أنها سارة مولاة لبني عبد المطلب ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فأنفذ عليا وأبا مرثد ، وقيل عمر بن الخطاب ، وقيل الزبير رضي الله عنهم ، وقال لهما ، اذهبا إلى روضة خاخ فإنكم ستلقون بها امرأة معها كتاب فخذاه وعودا ، فأتيا الموضع فوجداها والكتاب معها ، فأخذاه وعادا ، فإذا هو كتاب حاطب فقال عمر: ائذن لي يا رسول الله أضرب عنقه فقد خان الله ورسوله فقال صلى الله عليه وسلم قد شهد بدرا ، فقالوا: بلى ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم إني بما تعملون خبير. ففاضت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم [ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب] ما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله كنت امرأ مصلقا من قريش وكان لي بها مال فكتبت إليهم بذلك ، والله يا رسول الله إني لمؤمن بالله ورسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق حاطب فلا تقولوا له إلا خيرا. فنزلت هذه الآية والتي بعدها. وفي قوله تعالى تسرون إليهم بالمودة وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: تعلمونهم سرا أن بينكم وبينهم مودة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: تعلمونهم سرا بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم بمودة بينكم وبينهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية