الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن أبرأ رب الدين غريمه من دينه بنية الزكاة لم يجزئه ، نص عليه ، سواء كان المخرج عنه عينا أو دينا ( و م ش ) خلافا للحسن وعطاء ، ويتوجه لنا احتمال وتخريج كقولهما ، بناء على أنه هل هو تمليك أم لا ؟ وقيل : تجزئه من زكاة دينه ، حكاه شيخنا ، واختاره أيضا ; لأن الزكاة مواساة ، وعند الحنفية : تسقط زكاة الدين بالإبراء منه ولو بلا نية . ولا تكفي الحوالة بها ، جزم به ابن تميم وغيره ، وسبق في تمام الملك من كتاب الزكاة : هل الحوالة وفاء ؟ وذكر الشيخ في انتقال الحق بالحوالة أن الحوالة بمنزلة القبض وإلا كان بيع دين بدين ، وذكر أيضا أنه إذا حلف لا فارقه حتى يقضيه حقه فأحاله به ففارقه ظنا منه أنه بريء أنه كالناسي ، ويجوز دفع زكاته إلى غريمه ليقضي بها دينه ، سواء دفعها إليه ابتداء أو استوفى حقه ثم دفع إليه ليقضي به دين المقرض ، نص على ذلك ، قال أحمد : إذا أراد إحياء ماله لم يجز .

                                                                                                          وقال أيضا : إن كان حيلة فلا يعجبني .

                                                                                                          وقال أيضا : أخاف أن يكون حيلة فلا أراه ، ونقل ابن القاسم : إذا أراد الحيلة لم يصلح ولا يجوز قال القاضي وغيره : يعني بالحيلة أن يعطيه بشرط أن يردها عليه من دينه ، فلا تجزئه ; لأن من شرطها تمليكا صحيحا ، فإذا شرط لرجوع لم يوجد فلم تجزئه ، وذكر الشيخ أنه حصل من كلام الإمام أحمد أنه إذا قصد بالدفع إحياء ماله واستيفاء دينه لم يجز ; لأنها لله ، فلا يصرفها إلى نفعه .

                                                                                                          وفي الرعاية الصغرى : إن قضاه بلا شرط صح ، كما لو قضى دينه بشيء ثم دفعه إليه زكاة ، ويكره حيلة ، كذا قال ، وذكر أبو المعالي الصحة وفاقا ، [ ص: 621 ] إلا بشرط ; لأنه تمليك كذا قال ، واختار في النهاية الإجزاء ; لأن اشتراط الرد لا يمنع التمليك التام ; لأن له الرد من غير جنسه ، فليس مستحقا وقال : وكذا الكلام إن أبرأ المدين محتسبا من الزكاة ، كذا قال ، وذكر ابن تميم كلام القاضي ثم قال : والأصح أنه إذا دفع لجهة الغرم لم يمنع الشرط الإجزاء ، ثم ذكر كلام الشيخ ثم قال : وإن رد الغريم [ إليه ] ما قبضه وفاء عن دينه فله أخذه ، نص عليه ، وعنه فيمن دفع إلى غريمه عشرة دراهم من الزكاة ثم قبضها منه وفاء عن دينه : لا أراه ، أخاف أن تكون حيلة . ودين الله في الأخذ لقضائه كدين الآدمي [ لعموم الآية ] { ولأمره عليه السلام لسلمة بن صخر بصدقة بني زريق لتكفر كفارة الظهار }

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية