الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فكأنه قيل: فما قال؟ فقيل: قال يهتف بمن فنى بشهوده عن كل مشهود، دافعا عن نفسه ما ورد عليه من وسوسة الشيطان في أمر جمالها وأمر رئاستها ومالها، ومن مكر النسوة اللاتي نوعن له القول في الترغيب والترهيب عالما بأن القوة البشرية تضعف عن [حمل -] مثل هذا إلا بتأييد عظيم، مسقطا للأداة على عادة أهل القرب: رب السجن وهو محيط مانع من الاضطراب فيما خرج عنه أحب إلي أي أقل بغضا مما يدعونني أي هؤلاء النسوة كلهن "إليه" لما علم من سوء عاقبة المعصية بعد سرعة انقضاء اللذة، وهذه العبارة تدل على غاية البغض لموافقتها، فإن السجن لا يتصور حبه عادة، وإنما المعنى أنه لو كان يتصور الميل إليه كان ميلي إليه أكثر، لكنه لا يتصور الميل إليه لأنه شر محض، ومع ذلك فأنا أوثره على ما دعونني إليه، لأنه أخف الضررين، والحاصل أنه أطلق المحبة على ما يضادها في هذا السياق من البغض بدلالة الالتزام، فكأنه قيل: السجن أقل بغضا إلى [مما تدعونني إليه -]، وذلك هو ضد "أحب" الذي معناه أكثر [ ص: 76 ] حبا، ولكن حولت العبارة ليكون كدعوى الشيء مقرونا بالدليل، وذلك أنه لما فوضل في المحبة بين شيئين أحدهما مقطوع ببغضه، فهم قطعا أن المراد إنما هو أن بغض هذا البغيض دون بغض المفضول، فعلم قطعا أن ذلك يظن حبه أبغض من هذا المقطوع ببغضه، وكذا كل ما فوضل بينهما في وصف يمنع من حمله على الحقيقة كون المفضل متحققا بضده - والله الموفق; والدعاء: طلب الفعل من المدعو، وصيغته كصيغة الأمر [إلا أن الدعاء لمن فوقك، والأمر لمن دونك -] وإلا تصرف أي أنت يا رب الآن وفيما يستقبل من الزمان، مجاوزا عني كيدهن أي ما قد التبس من مكرهن وتدبيرهن الذي يردن به الخبث احتيالا على الوصول إلى قصدهن خديعة وغرورا "أصب" أي أمل ميلا عظيما "إليهن" لما جبل الآدمي عليه من الميل النفساني إلى مثل ذلك، ومتى انخرق سياج صيانته بواحدة تبعها أمثالها، واتسع الخرق على الراقع، ولذلك قال: وأكن أي كونا هو كالجبلة من الجاهلين أي الغريقين في الجهل بارتكاب مثل أفعالهم

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية