الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده الفساد والبطلان في العبادات سيان ( إذا أكل الصائم أو شرب أو جامع ) حال كونه ( ناسيا ) في الفرض والنفل قبل النية أو بعدها على الصحيح بحر عن القنية إلا أن يذكر فلم يتذكر - [ ص: 395 ] ويذكره لو قويا وإلا وليس عذرا في حقوق العباد

التالي السابق


باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده .

المفسد هنا قسمان : ما يوجب القضاء فقط ، أو مع الكفارة . وغير المفسد قسمان أيضا : ما يباح فعله ، أو يكره ( قوله : الفساد والبطلان في العبادات سيان ) أما في المعاملات فإن لم يترتب أثر المعاملة عليها فهو البطلان ، وإن ترتب فإن كان مطلوب التفاسخ شرعا فهو الفساد وإلا فهو الصحة ح عن البحر .

بيانه لو باع ميتة فإن أثر المعاملة هنا وهو الملك غير مترتب عليها ، ولو باع عبدا بشرط فاسد وسلمه ملكه المشتري فاسدا وهو واجب التفاسخ ولو بدون شرط ملكه صحيحا ( وقوله : إذا أكل ) شرط جوابه قوله الآتي لم يفطر كما سينبه عليه الشارح ( قوله : ناسيا ) أي لصومه ; لأنه ذاكر للأكل والشرب والجماع معراج ( قوله في الفرض ) ولو قضاء أو كفارة ( قوله : قبل النية أو بعدها ) قدم الشارح هذه المسألة عن شرح الوهبانية قبيل قوله رأى مكلف هلال رمضان إلخ وصورها في المتلوم تبعا للوهبانية وشرحها لكونه في معنى الصائم إذا ظهرت رمضانية اليوم بعدما أكل ناسيا ثم نوى فيتصور منه النسيان أي نسيان تلومه لأجل الصوم ، بخلاف المتنفل فإنه لو أكل قبل النية لا يسمى ناسيا وكذا في صوم القضاء والكفارة نعم يتصور النسيان في أداء رمضان والمنذور المعين ( قوله : على الصحيح ) متصل بقوله قبل النية وقد نقل تصحيحه أيضا في التتارخانية عن العتابية ، وقيل إذا ظهرت رمضانيته لا يجزيه وبه جزم في السراج وتبعه في الشرنبلالية ونظم ابن وهبان القولين مع حكاية التصحيح للأول ، وأقره في البحر والنهر فكان هو المعتمد فافهم ( قوله : إلا أن يذكر فلم يتذكر ) أي إذا أكل ناسيا فذكره إنسان بالصوم ولم يتذكر فأكل فسد صومه [ ص: 395 ] في الصحيح خلافا لبعضهم ظهيرية ; لأن خبر الواحد في الديانات مقبول ، فكان يجب أن يلتفت إلى تأمل الحال لوجود المذكر بحر .

قلت : لكن لا كفارة عليه وهو المختار كما في التتارخانية عن النصاب وقد نسبوا هذه المسألة إلى أبي يوسف ونسب إليه القهستاني فساد الصوم بالنسيان مطلقا ولم أره لغيره وسيأتي ما يرده ( قوله : ويذكره ) أي لزوما كما في الولوالجية فيكره تركه تحريما بحر ( وقوله لو قويا ) أي له قوة على إتمام الصوم ، بلا ضعف ، وإذا كان يضعف بالصوم ولو أكل يتقوى على سائر الطاعة يسعه أن لا يخبره فتح وعبارة غيره الأولى أن لا يخبره وتعبير الزيلعي بالشاب والشيخ جرى على الغالب ، ثم هذا التفصيل جرى عليه غير واحد وفي السراج عن الواقعات المختار أنه يذكره مطلقا نهر .

مطلب يكره السهر إذا خاف فوت الصبح قال ح عن شيخه : ومثل أكل الناسي النوم عن صلاة ; لأن كلا منهما معصية في نفسه كما صرحوا أنه يكره السهر إذا خاف فوت الصبح لكن الناسي أو النائم غير قادر فسقط الإثم عنهما لكن وجب على من يعلم حالهما تذكير الناسي وإيقاظ النائم إلا في حق الضعيف عن الصوم مرحمة له . ا هـ . ( قوله : وليس ) أي النسيان عذرا في حقوق العباد أي من حيث ترتب الحكم على فعله فلو أكل الوديعة ناسيا ضمنها أما من حيث المؤاخذة في الآخرة فهو عذر مسقط للإثم كما في حقوقه تعالى ، وأما من حيث الحكم في حقوقه تعالى ، فإن كان في موضع مذكر ولا داعي إليه كأكل المصلي لم يسقط لتقصيره فإن حالة المصلي مذكرة وطول الوقت الداعي إلى الأكل غير موجود ، بخلاف سلامه في القعدة الأولى وأكل الصائم فإنه ساقط لوجود الداعي ، وهو كون القعدة محل السلام وطول الوقت الداعي إلى الطعام مع عدم المذكر ، بخلاف ترك الذابح التسمية فإن حالة الذبح منفرة لا مذكرة مع عدم الداعي فتسقط أيضا من البحر مع زيادة .




الخدمات العلمية