الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 276 - 277 ] باب المسح على الخفين :

( 1 ) - حدث أبو بكرة : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، والمقيم يوما وليلة ، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما . } ابن خزيمة واللفظ له ، وابن حبان وابن الجارود ، والشافعي وابن أبي شيبة والدارقطني ، والبيهقي والترمذي في العلل المفرد ، وصححه الخطابي أيضا ، ونقل البيهقي : أن الشافعي صححه في سنن حرملة .

217 - ( 2 ) - حديث صفوان بن عسال : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا كنا مسافرين أو سفرا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ، لكن من غائط أو بول أو نوم } الشافعي وأحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، [ ص: 278 ] وابن خزيمة ، وابن حبان ، والدارقطني ، والبيهقي . قال الترمذي عن البخاري : حديث حسن ، وصححه الترمذي والخطابي ، ومداره عندهم على عاصم بن أبي النجود . عن زر بن حبيش عنه ، وذكر ابن منده أبو القاسم : أنه رواه عن عاصم : أكثر من أربعين نفسا ، وتابع عاصما عليه عبد الوهاب بن بخت ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وطلحة بن مصرف ، والمنهال بن عمرو ، ومحمد بن سوقة وذكر جماعة معه ، ومراده أصل الحديث ; لأنه في الأصل طويل مشتمل على التوبة ، { والمرء مع من أحب } ، وغير ذلك ، لكن حديث طلحة عند الطبراني بإسناد لا بأس به ، وقد روى الطبراني أيضا حديث المسح من طريق عبد الكريم أبي أمية ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن زر ، وعبد الكريم ضعيف ، ورواه البيهقي من طريق أبي روق ، عن أبي الغريف ، عن صفوان بن عسال ، ولفظه : { ليمسح أحدكم إذا كان مسافرا على خفيه إذا أدخلهما طاهرتين ثلاثة أيام ولياليهن ، وليمسح المقيم يوما وليلة } ، ووقع في الدارقطني زيادة في آخر هذا المتن ، وهو قوله : أو ريح " ، وذكر أن وكيعا تفرد بها عن مسعر عن عاصم .

218 - ( 3 ) - حديث { المغيرة بن شعبة : سكبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء ، فلما انتهيت إلى الخفين أهويت لأنزعهما فقال : دع الخفين فإني أدخلتهما وهما طاهرتان }متفق عليه بلفظ : { دعهما فإني أدخلتهما [ ص: 279 ] طاهرتين } ، فمسح عليهما ، واللفظ للبخاري ، ورواه أبو داود بنحو لفظ المصنف وأبرز الضمير فقال : { دع الخفين فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان }فمسح عليهما ، وله طرق كثيرة عن المغيرة ، ذكر البزار : أنه روي عنه من نحو ستين طريقا ، وذكر ابن منده منها خمسة وأربعين ، ورواه الشافعي بلفظ { : قلت يا رسول الله : المسح على الخفين ؟ قال : نعم إني أدخلتهما وهما طاهرتان }.

( قوله ) والأحاديث في باب المسح كثيرة ، وهو كما قال ، فقد قال الإمام أحمد : فيه أربعون حديثا عن الصحابة مرفوعة وموقوفة . وقال ابن أبي حاتم : فيه عن أحد وأربعين ، وقال ابن عبد البر في الاستذكار : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، المسح على الخفين نحو أربعين من الصحابة ، ونقل ابن المنذر عن الحسن البصري قال : حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان يمسح على الخفين . وذكر أبو القاسم بن منده أسماء من رواه في تذكرته فبلغ ثمانين صحابيا ، وسرد الترمذي منهم جماعة ، والبيهقي في سننه جماعة ، وقال ابن عبد البر بعد أن سرد منهم جماعة : لم يرو عن غيرهم منهم خلاف إلا الشيء الذي لا يثبت عن عائشة ، وابن عباس ، وأبي هريرة قلت : قال أحمد : لا يصح حديث أبي هريرة في إنكار المسح ، وهو باطل . وروى الدارقطني من حديث عائشة ، إثبات المسح على الخفين ، ويؤيد ذلك حديث شريح بن هانئ في سؤاله إياها عن ذلك ، فقالت له : سل ابن أبي طالب . وفي رواية أنها قالت : لا علم لي بذلك . وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : قال علي : سبق الكتاب الخفين ، فهو منقطع ; لأن محمدا لم يدرك عليا . وأما ما رواه محمد بن مهاجر ، عن إسماعيل بن أبي أويس . عن إبراهيم بن إسماعيل ، عن داود بن الحصين ، عن القاسم ، عن عائشة ، قالت : لأن أقطع رجلي أحب إلي من أن [ ص: 280 ] أمسح على الخفين " ، فهو باطل عنها ، قال ابن حبان : محمد بن مهاجر كان يضع الحديث .

وأغرب ربيعة فيما حكاه الآجري ، عن أبي داود ، قال : جاء زيد بن أسلم إلى ربيعة فقال : أمسح على الجوربين ؟ فقال ربيعة : ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين فكيف على خرقتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية