الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وعنه : أن من لا تحل ذبيحتهم لا يستعمل ما استعملوه من آنيتهم إلا بعد غسله ولا يؤكل من طعامهم إلا الفاكهة ونحوها .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وعنه : أن من لا تحل ذبيحتهم ) كالمجوس وعبدة الأوثان ( لا يستعمل ما استعملوه من آنيتهم إلا بعد غسله ) لحديث أبي ثعلبة قال : قلت : يا رسول الله ، إنا بأرض قوم أهل كتاب ، أفنأكل في آنيتهم ؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها ، وإن لم تجدوا غيرها ، فاغسلوها بالماء ، وكلوا فيها [ ص: 70 ] متفق عليه .

                                                                                                                          ووجهه أنه إذا منع في أهل الكتاب ، ونهي عن استعمال أوانيهم بدون غسلها ، ففي غيرهم أولى ، ولأن ذبائحهم ميتة ، فنجاسة الآنية بها متيقنة ، وعليها يمنع من الثياب أيضا ، لأن الظاهر أنهم لا يتوقونها في الثياب ، فتكون نجسة ، وقيل : تغسل آنية من يستحل الميتة ، والنجاسة كالمجوس ، وبعض النصارى ، وطهارة غيرها قدمه في " الكافي " واعلم أن الخلاف في ذلك كله قبل الغسل ، وعدم تحقق النجاسة ، فأما بعد غسلها فلا خلاف في طهارتها ، وجواز استعمالها ، ومع تحقق النجاسة فلا خلاف في المنع ، وكذا حكم ما صبغوه ، قيل : لأحمد عن صبغ اليهود بالبول ، فقال : المسلم والكافر في هذا سواء ، ولا تسأل عن هذا ، ولا تبحث عنه ، فإن علمت فلا تصل فيه حتى تغسله ( ولا يؤكل من طعامهم إلا الفاكهة ونحوها ) لأن النجاسة بعيدة منها ، لأنها لا تخالطها ، وملاقاة رطب النجاسة لها غير متيقن ، والأصل الطهارة .

                                                                                                                          فرع : إذا شك في استعماله ، فهو طاهر في ظاهر المذهب ، لأنه الأصل ، وقيل : يغسل إن كان لمجوسي ، وإن كان لكتابي كره ، وعنه : لا يكره ، وقيل : لا بد من غسل قدر النصراني ، وما نسجه الكفار فهو مباح اللبس ، لأنه عليه السلام وأصحابه كانت ثيابهم من نسج الكفار . وذكر ابن أبي موسى في " الإرشاد " روايتين ، أصحهما : لا يجب غسلها ، وذكر أيضا في " الإرشاد " : أن المسلم إذا داوم شرب الخمر أنه في آنيته ، وثيابه ، وسؤره كالمجوس ، وفي كراهة ثوب المرضع ، والحائض ، والصغير روايتان . ذكر في " الشرح " الإباحة ، ثم ذكر عن أصحابنا أن التوقي لذلك أولى لاحتمال النجاسة فيه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية