الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قد نرى تقلب وجهك في السماء .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن ماجه ، عن البراء قال : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرا، وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخوله المدينة بشهرين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى إلى بيت المقدس أكثر تقلب وجهه في السماء، وعلم الله من قلب نبيه أنه يهوى الكعبة ، فصعد جبريل، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره وهو يصعد بين السماء والأرض، ينظر ما يأتيه به ، فأنزل الله : قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا جبريل، [ ص: 27 ] كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس ؟" فأنزل الله : وما كان الله ليضيع إيمانكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا ، ثم أنزل الله آية أمره فيها بالتحول إلى الكعبة فقال : قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء ، فأنزل الله : قد نرى تقلب وجهك الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج النسائي، والبزار ، وابن المنذر ، والطبراني ، عن أبي سعيد بن المعلى قال : كنا نغدو إلى المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنمر على المسجد، فنصلي فيه ، فمررنا يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر ، فقلت : لقد حدث أمر ، فجلست ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : " قد نرى تقلب وجهك في السماء " حتى فرغ من الآية ، فقلت لصاحبي : تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنكون أول من صلى . فتوارينا فصليناهما ، ثم نزل [ ص: 28 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلى للناس الظهر يومئذ إلى الكعبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة في قوله : قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها قال : هو يومئذ يصلي نحو بيت المقدس، وكان يهوى قبلة نحو البيت الحرام، فولاه الله قبلة كان يهواها ويرضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام قال : تلقاء المسجد الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد قال : قالت اليهود : يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا ! فكان يدعو الله ويستفرض القبلة، فنزلت : قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية . فانقطع قول يهود حين وجه إلى الكعبة، وحول الرجال مكان النساء، والنساء مكان الرجال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وسعيد بن منصور ، وأحمد بن منيع في «مسنده» ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في «الكبير»، والحاكم وصححه ، عن عبد الله بن عمرو في قوله : فلنولينك قبلة ترضاها قال : قبلة إبراهيم نحو الميزاب . [ ص: 29 ] وأخرج عبد بن حميد ، وأبو داود في «ناسخه» ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن البراء في قوله : فول وجهك شطر المسجد الحرام قال : قبله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والدينوري في «المجالسة»، والحاكم وصححه، والبيهقي في "سننه"، عن علي في قوله : فول وجهك شطر المسجد الحرام قال : شطره قبله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود في «ناسخه» ، وابن جرير ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال : شطره نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج آدم، والدينوري في «المجالسة»، والبيهقي عن مجاهد في قوله : شطره : يعني نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وسفيان بن عيينة ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، والدينوري، عن أبي العالية في قوله : شطر المسجد الحرام قال : تلقاءه . [ ص: 30 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، عن رفيع قال : شطره تلقاءه بلسان الحبش .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو بكر بن أبي داود في «المصاحف»، عن أبي رزين قال : في قراءة عبد الله : ( وحيثما كنتم فولوا وجوهكم قبله ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس قال : البيت كله قبلة، وقبلة البيت الباب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في "سننه" ، عن ابن عباس مرفوعا : "البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن السدي في قوله : وإن الذين أوتوا الكتاب قال : أنزل ذلك في اليهود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم قال : يعني بذلك القبلة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود في «ناسخه» ، وابن جرير ، عن أبي العالية في قوله : وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم يقول : ليعلمون أن الكعبة [ ص: 31 ] كانت قبلة إبراهيم والأنبياء، ولكنهم تركوها عمدا ، وإن فريقا منهم ليكتمون الحق يقول : يكتمون صفة محمد وأمر القبلة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية