الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ويا قوم استغفروا ربكم من الشرك ثم توبوا إليه أي ارجعوا إليه تعالى بالطاعة أو توبوا إليه سبحانه وأخلصوا التوبة واستقيموا عليها، وقيل: الاستغفار كناية عن الإيمان لأنه من روادفه، وحيث إن الإيمان بالله سبحانه لا يستدعي الكفر بغيره لغة قيل: ثم توبوا فكأنه قيل: آمنوا به ثم توبوا إليه تعالى من عبادة غيره، وتعقب بأن قوله سبحانه: ( اعبدوا الله ) دل على اختصاصه تعالى بالعبادة فلو حمل ( استغفروا ) على ما ذكر لم يفد فائدة زائدة سوى ما علق عليه، وقد كان يمكن تعليقه بالأول، والحمل على غير الظاهر مع قلة الفائدة مما يجب الاحتراز عنه في كلام الله تعالى المعجز، وقيل: المراد بالاستغفار التوبة عن الشرك وبالتوبة التوبة عما صدر منهم [ ص: 81 ] غير الشرك، وأورد عليه أيضا أن الإيمان يجب ما قبله، وقيل: المراد بالأول طلب المغفرة بالإيمان، وبالثاني التوسل إليه سبحانه بالتوبة عن الشرك، وأورد عليه أن التوسل المذكور لا ينفك عن طلب المغفرة بالإيمان لأنه من لوازمه فلا يكون بعده كما تؤذن به (ثم) -وقيل: وقيل وقد تقدم بعض الكلام في ذلك أول السورة.

                                                                                                                                                                                                                                      و يرسل السماء أي المطر كما في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      إذا (نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا

                                                                                                                                                                                                                                      عليكم مدرارا كثير الدر متتابعه من غير إضرار فمفعال للمبالغة كمعطار ومقدام.

                                                                                                                                                                                                                                      ويزدكم قوة إلى قوتكم أي عزا مضموما إلى عزكم أو مع عزكم، ويرجع هذا إلى قوله تعالى: ويمددكم بأموال وبنين لأن العز الدنيوي بذلك، وعن الضحاك تفسير –القوة- بالخصب، وعن عكرمة تفسيرها بولد الولد، وقيل: المراد بها قوة الجسم، ورغبهم عليه السلام بكثرة المطر وزيادة القوة لأنهم كانوا أصحاب زروع وبساتين وعمارات، وقيل: حبس الله تعالى عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم ثلاث سنين فوعدهم هود عليه السلام على الاستغفار والتوبة كثرة الأمطار وتضاعف القوة بالتناسل، وقيل: القوة الأولى في الإيمان، والثانية في الأبدان، أي يزدكم قوة في إيمانكم إلى قوة أبدانكم ولا تتولوا أي لا تعرضوا عما دعوتكم إليه مجرمين مصرين على ما أنتم عليه من الإجرام، وقيل: مجرمين بالتولي وهو تكلف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية