الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) الآية [ 92 ] .

                                                                                                                                                                  343 - أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق قال : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال : حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله [ قال : حدثنا ] ابن حجاج : قال : حدثنا حماد قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه : أن الحارث بن يزيد كان شديدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء وهو يريد الإسلام ، فلقيه عياش بن أبي ربيعة ، والحارث يريد الإسلام ، وعياش لا يشعر ، فقتله . فأنزل الله تعالى : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) الآية .

                                                                                                                                                                  وشرح الكلبي هذه القصة فقال : إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي أسلم وخاف أن يظهر إسلامه ، فخرج هاربا إلى المدينة فقدمها ، ثم أتى أطما من آطامها فتحصن فيه . فجزعت أمه جزعا شديدا ، وقالت لابنيها أبي جهل والحارث بن هشام - وهما [ أخواه ] لأمه - : والله لا يظلني سقف بيت ، ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى تأتوني به ، فخرجا في طلبه وخرج معهم الحارث بن زيد بن أبي أنيسة ، حتى أتوا المدينة ، فأتوا عياشا وهو في الأطم ، فقالا له : انزل فإن أمك لم يؤوها سقف بيت بعدك ، وقد حلفت لا تأكل طعاما ولا شرابا حتى ترجع إليها ، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شيء ، ولا نحول بينك وبين دينك . فلما ذكرا له جزع أمه وأوثقا له نزل إليهم ، فأخرجوه من المدينة وأوثقوه بنسع ، وجلده كل واحد منهم مائة جلدة ، ثم قدموا به على أمه فقالت : والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به ، ثم تركوه موثقا في الشمس وأعطاهم بعض الذي أرادوا ، فأتاه الحارث بن يزيد وقال : [ يا ] عياش ، والله لئن كان الذي كنت عليه هدى لقد تركت [ ص: 89 ] الهدى ، وإن كان ضلالة لقد كنت عليها . فغضب عياش من مقالته ، وقال : والله لا ألقاك خاليا إلا قتلتك . ثم إن عياشا أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة . ثم إن الحارث بن يزيد أسلم وهاجر [ بعد ذلك إلى رسول الله بالمدينة ] وليس عياش يومئذ حاضرا ، ولم يشعر بإسلامه . فبينا هو يسير بظهر قباء إذ لقي الحارث بن يزيد ، فلما رآه حمل عليه فقتله ، فقال الناس : أي شيء صنعت ، إنه قد أسلم . فرجع عياش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت ، وإني لم أشعر بإسلامه حين قتلته . فنزل عليه جبريل - عليه السلام - بقوله تعالى : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية