الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب تحريم بيع العصير ممن يتخذه خمرا وكل بيع أعان على معصية [ ص: 183 ] عن أنس قال { : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة : عاصرها ، ومعتصرها ، وشاربها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وساقيها ، وبائعها ، وآكل ثمنها ، والمشتري لها ، والمشتراة له } . رواه الترمذي وابن ماجه ) .

                                                                                                                                            2183 - ( وعن ابن عمر قال : لعنت الخمرة على عشرة وجوه ، لعنت الخمرة بعينها ، وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وآكل ثمنها . رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود بنحوه لكنه لم يذكر " وآكل ثمنها " ، ولم يقل : عشرة ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول قال الحافظ في التلخيص : ورواته ثقات . والحديث الثاني في إسناده عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أمير الأندلس ، قال يحيى : لا أعرفه ، وقال قوم : هو معروف وصححه ابن السكن ، وفي الباب عن أبي هريرة عند أبي داود ، وعن ابن عباس عند ابن حبان ، وعن ابن مسعود عند الحاكم ، وعن بريدة عند الطبراني في الأوسط من طريق محمد بن أحمد بن أبي خيثمة بلفظ { : من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه من يهودي أو نصراني أو ممن يتخذه خمرا فقد تقحم النار على بصيرة } حسنه الحافظ في بلوغ المرام . وأخرجه البيهقي بزيادة { أو ممن يعلم أن يتخذه خمرا } وقد استدل المصنف رحمه اللهبحديثي الباب على تحريم بيع العصير ممن يتخذه خمرا ، وتحريم كل بيع أعان على معصية قياسا على ذلك ، وليس في حديثي الباب تعرض لتحريم بيع العنب ونحوه ممن يتخذه خمرا ; لأن المراد بلعن بائعها وآكل ثمنها بائع الخمر وآكل ثمن الخمر ، وكذلك بقية الضمائر المذكورة هي للخمر ولو مجازا كما في عاصرها ومعتصرها ، فإنه يئول المعصور إلى الخمر ، والذي يدل على مراد المصنف حديث بريدة الذي ذكرناه لترتيب الوعيد الشديد على من باع العنب إلى من يتخذه خمرا ، ولكن قوله " حبس " وقوله " أو ممن يعلم أن يتخذه خمرا " يدلان على اعتبار القصد والتعمد للبيع إلى من يتخذه خمرا ، ولا خلاف في التحريم مع ذلك .

                                                                                                                                            وأما مع عدمه فذهب جماعة من أهل العلم إلى جوازه منهم الهادوية مع الكراهة ما لم يعلم أنه يتخذه لذلك ، ولكن الظاهر أن البيع من اليهودي والنصراني لا يجوز لأنه مظنة لجعل العنب خمرا ، ويؤيد المنع من البيع مع ظن استعمال المبيع في معصية ما أخرجه [ ص: 184 ] الترمذي ، وقال : غريب من حديث أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا تبيعوا القينات المغنيات ولا تشتروهن ، ولا خير في تجارة فيهن ، وثمنهن حرام } .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية