الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            باب الغصب)

                                                            عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحلبن أحدكم ماشية أخيه إلا بإذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتقل طعامه، فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه كذا قال مالك والليث فينتقل وقال أيوب وعبد الله بن عمر ، وإسماعيل بن أمية وموسى بن عقبة فينتثل بالمثلثة وهي عند مسلم .

                                                            التالي السابق


                                                            (باب الغصب)

                                                            عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحلبن أحدكم ماشية أخيه إلا بإذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتقل طعامه فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه .

                                                            (فيه) فوائد:

                                                            (الأولى) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود من هذا الوجه من طريق مالك وأخرجه مسلم وابن ماجه من طريق الليث بن سعد وأخرجه مسلم من طريق أيوب السختياني وعبيد الله بن عمر وإسماعيل بن أمية وموسى بن عقبة كلهم عن نافع عن ابن عمر وفي حديثهم جمعا (فينتثل) إلا الليث بن سعد فإن في حديثه (فينتقل) كرواية مالك ذكره مسلم في صحيحه لكن في سنن ابن ماجه من طريق الليث بن سعد فينتثل كرواية الأكثرين وذكر ابن عبد البر أنه روى في الموطإ وغيره فينتثل بالثاء.

                                                            [ ص: 169 ] (الثانية) فيه تحريم أخذ مال الإنسان بغير إذنه سواء كان قليلا أو كثيرا، وإن اللبن في ذلك، وإن كان بعض الناس قد يتسامح فيه ليسارة مؤنته ولا سيما ما دام في الضروع قبل أن يحرز في الأواني وفي.

                                                            سنن ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ رأينا إبلا مصرورة بعضاه الشجر فثبنا إليها فنادانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعنا إليه فقال إن هذه الإبل لأهل بيت من المسلمين هو قوتهم ويمنهم بعد الله أيسركم لو رجعتم إلى مزاودكم فوجدتم ما فيها قد ذهب به أترون ذلك عدلا ؟ قالوا لا قال فإن هذا كذلك .

                                                            وهذا مجمع عليه (فإن قلت) كيف شرب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه وهما قاصدان المدينة في الهجرة من لبن غنم الراعي (قلت) أجيب عنه بأجوبة:

                                                            (أحدها) أنهما شرباه إدلالا على صاحبه ؛ لأنهما كانا يعرفانه.

                                                            (ثانيها) أنه كان أذن للراعي أن يسقي منه من يطلب.

                                                            (ثالثها) أنه كان عرفهم إباحة ذلك فنزل الأمر على عرفهم.

                                                            (رابعها) أنه مال حربي لا أمان له فلا حرمة له.

                                                            (خامسها) أنه عليه الصلاة والسلام أولى من المؤمنين بأنفسهم وأموالهم.

                                                            وذكر ابن العربي أن هذا أقوى الأجوبة والذي قبله أضعفها وفيه نظر.

                                                            (الثالثة) يستثنى من ذلك المضطر الذي لا يجد ميتة ويجد طعاما لغيره فإنه يجوز له أكله للضرورة وهذا مجمع عليه ثم قال الجمهور يلزمه بدله لمالكه وهو مذهب الشافعي وقال بعض السلف والمحدثين لا يلزمه فإن وجد ميتة وطعاما لغيره ففيه خلاف مشهور للعلماء وهو في مذهبنا والأصح عند أصحابنا أكل الميتة.

                                                            (الرابعة) يستثنى منه أيضا ما إذا كان له إدلال على صاحب اللبن أو غيره من الطعام بحيث يعلم أو يظن أن نفسه تطيب بأكله منه فيجوز له الأكل منه، وإن لم يأذن له في ذلك صريحا وعليه حمل قوله تعالى أو صديقكم وروى ابن عبد البر في التمهيد عن أشهب قال خرجنا مرابطين إلى الإسكندرية فمررنا بجنان الليث فدخلت إليه فقلت يا أبا الحارث إنا خرجنا مرابطين ومررنا بجنانك فأكلنا من الثمر وأحببنا أن تجعلنا في حل فقال لي [ ص: 170 ] الليث يا ابن أخي لقد نسكت نسكا أعجميا أما سمعت الله يقول أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فلا بأس أن يأكل الرجل من مال أخيه الشيء التافه الذي يسره بذلك .

                                                            (الخامسة) استثنى منه بعضهم ابن السبيل فله، وإن لم يصل إلى الاضطرار وقد بوب أبو داود في سننه على ابن السبيل يأكل من الثمر ويشرب من اللبن إذا مر به ثم روى فيه عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه فإن أذن له فليحلب وليشرب، وإن لم يأذن فيها فليصوت ثلاثا فإن أجابه فليستأذنه، وإلا فليحلب وليشرب ولا يحمل ورواه الترمذي أيضا وقال إنه حسن صحيح غريب ثم روى أبو داود أيضا عن عباد بن شرحبيل قال أصابتني سنة فدخلت حائطا من حيطان المدينة ففركت سنبلا فأكلت وحملت في ثوبي فجاء صاحبه فضربني وأخذ ثوبي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذا كان جائعا أو قال ساغبا وأمره فرد علي ثوبي وأعطاني وسقا أو نصف وسق من طعام ورواه أيضا النسائي ثم روى أبو داود أيضا عن رافع بن عمر والغفاري قال كنت غلاما أرمي نخل الأنصار فأتي بي النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا غلام لم ترمي النخل ؟ قال آكل قال فلا ترم النخل وكل مما يسقط في أسفلها ثم مسح رأسه فقال اللهم أشبع بطنه ورواه أيضا الترمذي وقال حسن صحيح غريب.

                                                            ثم بوب أبو داود (باب فيمن قال لا يحلب) وأورد حديث ابن عمر هذا وكذا فعل ابن ماجه في سننه بوب على من مر على ماشية أو حائط هل يصيب منه ؟ وأورد فيه حديث عباد بن شرحبيل ورافع بن عمرو المتقدم ذكرهما، وحديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أتيت على راعي فناده ثلاث مرار فإن أجابك، وإلا فاشرب في غير أن تفسد، وإذا أتيت على حائط بستان فناد صاحب البستان ثلاث مرار فإن أجابك فكل في أن لا تفسد ورواه ابن حبان في صحيحه وحديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر أحدكم بحائط فليأكل ولا يتخذ خبنة ورواه الترمذي أيضا ثم بوب ابن ماجه على النهي (أن يصيب منها شيئا إلا بإذن صاحبها) وروى فيه حديث [ ص: 171 ] ابن عمر هذا وحديث أبي هريرة الذي ذكرناه في الفائدة الثانية وروى أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الثمر المعلق فقال ما أصاب منه بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه وبوب الترمذي على حديث ابن عمر ورافع بن عمرو وعبد الله بن عمرو (باب الرخصة في أكل الثمر للمار بها ) وبوب على حديث سمرة (باب حلب المواشي بغير إذن صاحبها .)

                                                            وقال القاضي أبو بكر بن العربي عول أحمد بن حنبل على حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهو حديث صحيح ويعضده حديث الصحيح ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو طائر أو دابة إلا كانت له حسنات يوم القيامة فهذا أصل يعضد ذلك الحديث، ورأى سائر فقهاء الأمصار أن كل أحد أولى بملكه، ولم يطلقوا الناس على أموال الناس ففي ذلك فساد عظيم ورأى بعضهم أن ما كان على طريق لا يعدل إليه ولا يقصد فليأكل منه المار ومن سعادة المرء أن يكون ماله على الطريق أو داره على الطريق لما يكتسب في ذلك من الحسنات والمكارم، والذي ينتظم من ذلك كله أن المحتاج يأكل والمستغني يمسك وعليه يدل الحديث.

                                                            وذكر ابن العربي لحديث سمرة محملين: (أحدهما) أن ذلك في بلاد جرت عادتهم برضاهم بحلب مواشيهم وأكل ثمارهم قال والأحكام تجري على العادة قال: وكذلك كانت بلاد الشام قال وبلادنا هذه يعني المغرب استولى عليها الفقر والبخل فليست على هذه السبيل إلا في النادر.

                                                            (ثانيهما) أنه محمول على ابن السبيل المحتاج ، وقال الخطابي في حديث سمرة هذا في المضطر الذي لا يجد طعاما وهو يخاف التلف على نفسه فإذا كان كذلك جاز له فعل هذا وقال أبو العباس القرطبي لا حجة في شيء من هذه الأحاديث لأوجه:

                                                            (أحدها) أن التمسك بالقاعدة المعلومة أولى. و (ثانيها) أن حديث النهي أصح سندا فهو أرجح. و (ثالثها) أن ذلك محمول على ما إذا علم طيب نفوس أرباب الأموال بالعبادة أو بغيرها. و (رابعها) أن ذلك محمول على أوقات المجاعة والضرورة كما كان ذلك في أول الإسلام، وقال النووي في شرح المهذب. اختلف العلماء فيمن مر ببستان غيره [ ص: 172 ] وفيه ثمار أو مر بزرع غيره فمذهبنا أن لا يجوز أن يأكل منه شيئا إلا إن كان في حال الضرورة التي تباح فيها الميتة وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وداود والجمهور، وقال أحمد إذا اجتاز به وفيه فاكهة رطبة وليس عليه حائط جاز له الأكل منه من غير ضرورة ولا ضمان عليه عنده في أصح الروايتين وفي الرواية الأخرى يباح له ذلك عند الضرورة، ولا ضمان قال الشافعي وروي فيه حديث لو ثبت عندنا لم نخالفه والكتاب والحديث الثابت أنه لا يجوز أكل مال أحد إلا بإذنه قال البيهقي والحديث الذي أشار إليه الشافعي هو حديث ابن عمر وقد قال يحيى بن معين هو غلط وقال الترمذي : سألت البخاري عنه فقال يحيى بن سليم يروي أحاديث عن عبد الله يهم فيها.

                                                            قال البيهقي : وقد جاء من أوجه أخر وليست بقوية ثم قال: أحاديث الحسن عن سمرة لا ينسبها بعض الحفاظ ويزعم أنها من كتاب إلا حديث العقيقة الذي ذكر فيه السماع فإن صح فهو محمول على حال الضرورة ثم قال: إن حديث أبي سعيد الخدري تفرد به سعيد الجريري وهو ثقة إلا أنه اختلط في آخر عمره وسماع يزيد بن هارون منه بعد الاختلاط فلا يصح. قال: وقد روي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه وقال أبو عبيد القاسم بن سلام إنما هذا الحديث يعني حديث عمرو بن شعيب في الرخصة للجائع المضطر الذي لا شيء معه يشتري به وهو مفسر في حديث ابن جريج عن عطاء قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للجائع المضطر إذا مر بالحائط أن يأكل منه ولا يتخذ خبنة . انتهى.

                                                            وحمل بعضهم هذه الأحاديث على أن ذلك في سفر الغزو وأن ذلك في أراضي أهل الحرب وعليه يدل عمل أبي داود في سننه فإنه أورد أحاديث الباب كلها في الجهاد وحملها بعضهم على أنها كانت قبل فرض الزكاة ثم نسخ إباحة ذلك بوجوب الزكاة.

                                                            (السادسة) الماشية اسم يقع على الإبل والبقر والغنم وأكثر ما يستعمل في الغنم قاله في النهاية وقال في المحكم: الماشية الإبل والغنم.

                                                            (السابعة) قوله (ماشية أخيه) خرج مخرج الغالب فالذمي في ذلك كالمسلم يقام الدليل على حرمة ماله ولذلك في آخر الحديث فلا يحلبن أحد ماشية أحد [ ص: 173 ] فأتى بصيغة عموم يتناول الذمي وكرر النبي صلى الله عليه وسلم هذا النهي بعد ذكره تأكيدا عليه، وقد تسامح بعض العلماء في أهل الذمة لوجوب الضيافة عليهم فذكر ابن عبد البر في التمهيد عن سعيد بن وهب قال (كنت بالشام وكنت أتقى أن آكل من الثمار شيئا فقال لي رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عمر اشترط على أهل الذمة أن يأكل الرجل المسلم يومه غير مفسد) وعن عاصم الأعور عن أبي زينب قال (صحبت عبد الرحمن بن سمرة وأنس بن مالك وأبا برزة الأسلمي في سفر فكانوا يصيبون من الثمار) وعن البصري قال (يأكل ولا يفسد ولا يحمل) قال ابن عبد البر وقد يحتمل هذا كله في أهل الذمة في ذلك الوقت.

                                                            وقال ابن وهب سمعت مالكا يقول في المسافر ينزل بالذمي أنه لا يأخذ من ماله شيئا إلا بإذنه وعن طيب نفس منه فقيل لمالك (أرأيت الضيافة التي جعلت عليهم ثلاثة أيام قال كان يومئذ يخفف عنهم بذلك) وقال ابن وهب أيضا سمعت مالكا يقول في الرجل يدخل الحائط فيجد الثمر ساقطا قال لا يأكل منه إلا أن يعلم أن صاحبه طيب النفس بذلك أو يكون محتاجا إلى ذلك فأرجو أن لا يكون عليه شيء إن شاء الله.

                                                            (الثامنة) فيه التمثيل في المسائل وتشبيه ما يخفى حكمه بما هو واضح مقرر جلي فإنه عليه الصلاة والسلام شبه اللبن في الضرع بالطعام المحفوظ في الخزانة ولا يخفى على أحد تحريم المشبه به فكذلك المشبه، وصور ذلك في طعام الأخذ حتى يكون ذلك أبلغ في الانفكاك عنه فإن الإنسان يفعل مع الناس ما يجب أن يفعلوه معه واستدل به على إثبات القياس وهو إلحاق فرع بأصل بعلة جامعة.

                                                            (التاسعة) (المشربة) بفتح الميم، وإسكان الشين المعجمة وضم الراء وفتحها لغتان حكاهما الجوهري وغيره الغرفة، قاله في الصحاح والمحكم والنهاية قال في المشارق كالغرفة. وقال الخليل هي الغرفة.

                                                            وقال الطبري هي كالخزانة فيها الطعام والشراب وبها سميت مشربة أما المشربة بمعنى الموضع الذي يشرب منه وهي المشرعة فهي بفتح الراء فقط والمشربة بكسر الميم وفتح الراء إناء يشرب فيه والخزانة بكسر الخاء وقوله يخزن بضم الزاي، ولفظ الحديث يفهم أن الخزانة موضع في المشربة.

                                                            (العاشرة) [ ص: 174 ] قوله فينتقل بضم الياء، وإسكان النون وفتح التاء والقاف من الانتقال، وهو افتعال من النقل وهو كقوله في حديث أم زرع لا سمين فينتقل .

                                                            وقوله في الرواية الأخرى (فينتثل) كالذي قبله إلا موضع القاف ثاء مثلثة، ومعناه يستخرج من قولهم نثل كنانته أي صبها واستفرغ ما فيها، ويقال لما يخرج من تراب البئر إذا حفرت نثيل ومنه قوله في الحديث الآخر (وأنتم تنتثلونها) أي تستخرجون ما فيها وتتمتعون به وقال النووي في شرح مسلم معنى ينتثل ينثر كله ويرمى، وقال ابن عبد البر قيل: إن معنى ينتثل وينتثر متقاربان قال ابن عبد البر ورواية ينتقل أبين.

                                                            (قلت) وانتقل ليس مضارع نقل، وإنما هو بمعناه يقال نقله وانتقله بمعنى ولو كان مطاوعته لكان لازما، ولم يصح بناؤه للمفعول .



                                                            (الحادية عشرة) فيه أن اللبن يسمى طعاما فيحنث به من حلف لا يتناول طعاما إلا أن يكون له نية تخرج اللبن .



                                                            (الثانية عشرة) وفيه أن الشاة المبيعة إذا كان لها لبن مقدور على حلبه فهو مقابل بقسطه من الثمن قال الخطابي : وهذا يؤيد خبر المصراة ويثبت حكمها في تقويم اللبن .



                                                            (الثالثة عشرة) واستدل به على أنه إذا سرق لبنا من ضرع وكانت تلك الماشية التي في ضرعها اللبن محرزة عنده في حرز مثلها واللبن المذكور يبلغ قيمته نصابا يجب عليه القطع وأنه لا فرق في المال المسروق بين الطعام الرطب وغيره ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سوى بينه وبين غيره في التحريم وحكى أبو العباس القرطبي عن بعض العلماء وجوب القطع، وإن لم تكن الغنم في حرز .



                                                            (الرابعة عشرة) استدل به الجمهور على أنه ليس للمرتهن أن يحلب الدابة المرهونة ويشرب لبنها فإنه ملك للراهن، وقال أحمد وإسحاق وغيرهما: يحلب ويركب وعليه النفقة.

                                                            واحتج هؤلاء بحديث أبي هريرة مرفوعا الرهن يركب ويشرب لبن الدر إذا كان مرهونا رواه البخاري بهذا اللفظ وفي رواية أخرى له وعلى الذي يركب ويشرب النفقة كذا ذكره ابن عبد البر ثم قال وهذا الحديث عند جمهور الفقهاء يرده أصول مجمع عليها وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها وحديث ابن عمر هذا يرده ويقضي بنسخه. انتهى.

                                                            وهو عجيب فليس هذا الحديث [ ص: 175 ] صريحا في أن الذي يحلب ويركب وينفق هو المرتهن حتى يحتاج فيه إلى دعوى النسخ ومعارضة ما هو أصح منه بل هو محمول على أن المالك هو الفاعل لذلك وكذا ذكره أصحابنا والله أعلم .



                                                            (الخامسة عشرة) قال أبو العباس القرطبي فيه إباحة خزن الطعام واحتكاره إلى وقت الحاجة خلافا لغلاة المتزهدة القائلة لا يجوز الادخار مطلقا .




                                                            الخدمات العلمية