الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        925 [ ص: 188 ] [ ص: 189 ] ( 70 ) باب البيتوتة بمكة ليالي منى

                                                                                                                        880 - مالك ، عن نافع أنه قال : زعموا أن عمر بن الخطاب كان يبعث رجالا يدخلون الناس من وراء العقبة .

                                                                                                                        881 - مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال : لا يبيتن أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة .

                                                                                                                        882 - مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أنه قال في البيتوتة بمكة ليالي منى : لا يبيتن أحد إلا بمنى .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        18533 - قال أبو عمر : على ما روي عن عمر في هذا الباب أكثر الناس .

                                                                                                                        18534 - وفيه حديث مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا يبيتن أحد إلا [ ص: 190 ] بمنى حتى يتم حجه " ولا يصح فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء ، والله أعلم .

                                                                                                                        18535 - وأحسن شيء فيه ما روي عن ابن عمر : أنه قد بات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى وصلى .

                                                                                                                        18536 - وكان ابن عباس ( رضى الله عنه ) يرخص في المبيت بمكة ليالي منى .

                                                                                                                        18537 - ذكر عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن ابن دينار عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لا بأس أن يبيت الرجل بمكة ليالي منى ويظل إلى رمي الجمار .

                                                                                                                        18538 - وعن ابن عيينة ، عن ابن جريج ، أو غيره ، عن عطاء ، عن ابن عباس مثله .

                                                                                                                        18539 - قال : وأخبرنا معمر ، عن الزهري قال : إذا بات بمكة ليالي منى فعليه دم .

                                                                                                                        18540 - قال : وأخبرنا ابن جريج ، عن عطاء قال : إذا بات بمكة لغير ضرورة فليهرق دما .

                                                                                                                        18541 - وقال عبد الرزاق : قلت للثوري : ما على من بات بمكة ليلا أو ليالي منى ؟ قال : لم يبلغني فيه شيء أحفظه الآن .

                                                                                                                        [ ص: 191 ] 18542 - قال أبو عمر : لا خلاف علمته بين العلماء أن من سنن الحج المبيت بمنى ليالي التشريق لكل حج إلا من ولي السقاية من آل العباس بن عبد المطلب فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن لهم في المبيت بمكة من أجل سقايتهم ، وأرخص لرعاء الإبل في ذلك على ما يأتي ذكره بعد إن شاء الله .

                                                                                                                        18543 - وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال : حدثني محمد بن بكر بن داسة قال : حدثني أبو داود قال : حدثني عثمان بن أبي شيبة قال : حدثني ابن نمير ، وأبو أسامة ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : استأذن العباس النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقاية الحاج فأذن له .

                                                                                                                        18544 - وحدثني محمد بن إبراهيم قال : حدثني محمد بن معاوية قال : حدثني أحمد بن شعيب قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال : أخبرنا عيسى قال : أخبرنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للعباس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته .

                                                                                                                        [ ص: 192 ] 18545 - قال أبو عمر : حديث ابن عمر هذا ثابت عند أهل العلم بالحديث . وفيه دليل على أن المبيت بمنى ليالي منى من سنن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه خص بالرخصة عمه دون غيره من أجل السقاية ، وكانت له في الجاهلية مكرمة يسقي الناس نبيذ التمر في الموسم فأقر ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        [ ص: 193 ] 18546 - ذكر محمد بن أبي عمر العدني ، عن سفيان ، عن ابن طاوس قال : كان أبي يقول : شرب نبيذ السقاية من تمام الحج .

                                                                                                                        18547 - وروى ابن جريج ، عن نافع : أن ابن عمر لم يكن يشرب من النبيذ ولا من زمزم قط - يعني في الحج .

                                                                                                                        18548 - وقال دارم بن عبد الرحمن : سألت عطاء عن النبيذ ؟ فقال : كل مسكر حرام . فقلت : يا ابن أم رباح أتزعم أنهم يسقون الحرام في المسجد الحرام ؟ فقال : يا ابن أخي ، والله لقد أدركت هذا الشراب وإن الرجل ليشرب فتلتزق شفتاه من حلاوته قال : فلما ذهبت النخوة وولي السفهاء تهاونوا بالشراب واستخفوا به .

                                                                                                                        [ ص: 194 ] 18549 - وأما ولاية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للعباس سقايات زمزم فأشهر من أن تذكر .

                                                                                                                        18550 - وقال عطاء : كان ابن عباس يأتي منى كل يوم عند زوال الشمس يرمي الجمار ، ثم يرجع إلى مكة فيبيت بها لأنه كان من أهل السقاية .

                                                                                                                        18551 - واختلف الفقهاء في حكم من بات بمكة من غير أهل السقاية .

                                                                                                                        18552 - فقال مالك : من بات ليلة من ليالي منى فعليه دم .

                                                                                                                        18553 - وقال الشافعي : لا رخصة في ترك المبيت بمنى إلا لرعاة الإبل وأهل سقاية العباس دون غير هؤلاء . وسواء من استعملوا عليها منهم أو من غيرهم ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرخص لأهل السقاية من أهل بيته أن يبيتوا بمكة ليالي منى .

                                                                                                                        18554 - وقال الشافعي : إن غفل أحد فبات بغير منى ولم يكن من أهل السقاية أحببت أن يطعم عن الليلة مسكينا ، فإن بات ليالي منى كلها أحببت أن يهريق دما .

                                                                                                                        [ ص: 195 ] 18555 - وقال أصحاب الشافعي له في هذه المسألة قولان :

                                                                                                                        18556 - ( أحدهما ) : أنه إن بان عنها ليلة تصدق بدرهم ، وإن بان عنها ليلتين تصدق بدرهمين ، وإن بان عنها ثلاث ليال كان عليه دم .

                                                                                                                        18557 - ( والثاني ) : أن عليه لكل ليلة مدا من طعام إلى ثلاث ليال ، فإن تمت الثلاث فعليه دم .

                                                                                                                        18558 - وقال أبو حنيفة ، وأبو محمد : إن كان يأتي منى فيرمي الجمار ، ثم يبيت بمكة فلا شيء عليه .

                                                                                                                        18559 - وهو قول الحسن البصري .

                                                                                                                        18560 - وقال أبو ثور : إن بات ليالي منى بمكة فعليه دم .

                                                                                                                        18561 - وهو قول أحمد ، وإسحاق .

                                                                                                                        18562 - قال أبو عمر : من لم ير عليه شيئا قال : لو كانت سنة ما سقطت عن الناس ، وإنما هو استحباب ، وحسبه إذا رمى الجمار في وقتها . وعلة من رأى الدم في ذلك أنها سنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته ورخص لأهل السقاية دون غيرهم .




                                                                                                                        الخدمات العلمية