الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 690 ] وأخرج البخاري ، ومسلم ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة" . وقال : "اقرءوا إن شئتم : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليؤتين يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب، فلا يزن عند الله تبارك وتعالى جناح بعوضة، اقرءوا إن شئتم : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن الضريس ، عن كعب قال : يمثل القرآن لمن كان يعمل به في الدنيا يوم القيامة كأحسن صورة رآها؛ أحسنه وجها، وأطيبه ريحا، فيقوم بجنب صاحبه، فكلما جاءه روع هدأ روعه وسكنه وبسط له أمله، فيقول له : جزاك الله خيرا من صاحب، فما أحسن صورتك، وأطيب ريحك! فيقول له : أما تعرفني؟ تعال فاركبني، فطالما ركبتك في الدنيا، أنا عملك، إن عملك كان حسنا فترى صورتي حسنة، وكان طيبا فترى ريحي طيبة . فيحمله فيوافي به الرب تبارك وتعالى، فيقول : يا رب، هذا فلان - وهو أعرف به منه - قد شغلته في أيام حياته في الدنيا؛ أظمأت نهاره، وأسهرت ليله، فشفعني [ ص: 691 ] فيه . فيوضع تاج الملك على رأسه، ويكسى حلة الملك، فيقول : يا رب، قد كنت أرغب له عن هذا، وأرجو له منك أفضل من هذا . فيعطى الخلد بيمينه، والنعمة بشماله، فيقول : يا رب، إن كل تاجر قد دخل على أهله من تجارته . فيشفع في أقاربه . وإذا كان كافرا مثل له عمله في أقبح صورة رآها وأنتنه، فكلما جاءه روع زاده روعا، فيقول : قبحك الله من صاحب، فما أقبح صورتك وما أنتن ريحك! فيقول : من أنت؟ قال : أما تعرفني؟ أنا عملك، إن عملك كان قبيحا فترى صورتي قبيحة، وكان منتنا فترى ريحي منتنة . فيقول : تعال حتى أركبك، فطالما ركبتني في الدنيا . فيركبه، فيوافي به الله، فلا يقيم له وزنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، عن عبيد بن عمير قال : يؤتى بالرجل العظيم الطويل يوم القيامة، فيوضع في الميزان، فلا يزن عند الله جناح بعوضة . ثم تلا : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج هناد عن كعب بن عجرة في قوله : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا . قال : يجاء بالرجل يوم القيامة فيوزن، فلا يزن حبة حنطة، ثم يوزن فلا يزن شعيرة، ثم يوزن فلا يزن جناح بعوضة . ثم قرأ : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا . يقول : ليس لهم وزن .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية