الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ) الآية [ 94 ] .

                                                                                                                                                                  345 - أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد قال : أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار قال : حدثنا محمد بن عباد قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : لحق المسلمون رجلا في غنيمة . فنزلت هذه الآية : ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا ) [ أي ] تلك الغنيمة . رواه البخاري عن علي بن عبد الله ، ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن سفيان .

                                                                                                                                                                  [ ص: 90 ] 346 - وأخبرنا إسماعيل قال : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال : حدثنا محمد بن الحسن بن الخليل قال : حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : مر رجل من سليم على نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه غنم [ له ] فسلم عليهم ، فقالوا : ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم ، فقاموا إليه فقتلوه ، وأخذوا غنمه ، وأتوا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فأنزل الله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ) .

                                                                                                                                                                  347 - أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، أخبرنا أبو يحيى الرازي ، حدثنا سهل بن عثمان قال : حدثنا وكيع عن سفيان ، عن حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير قال : خرج المقداد بن الأسود في سرية ، فمروا برجل في غنيمة له فأرادوا قتله ، فقال : لا إله إلا الله ، فقتله المقداد ، فقيل له : أقتلته وقد قال : لا إله إلا الله ؟ ود لو فر بأهله وماله . فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكروا ذلك له ، فنزلت : ( ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ) .

                                                                                                                                                                  348 - وقال الحسن : إن أصحاب النبي - عليه السلام - خرجوا يطوفون ، فلقوا المشركين فهزموهم ، فشد منهم رجل فتبعه رجل من المسلمين وأراد متاعه ، فلما غشيه بالسنان قال : إني مسلم ، إني مسلم . فكذبه ثم أوجره بالسنان فقتله وأخذ متاعه وكان قليلا ، فرفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قتلته بعدما زعم أنه مسلم ؟ فقال : يا رسول الله ، إنما قالها متعوذا . قال : فهلا شققت عن قلبه ! [ قال : لم يا رسول الله ؟ قال ] : لتنظر أصادق هو أم كاذب ؟ قال : وكنت أعلم ذلك يا رسول الله ؟ قال : ويك إنك [ إن ] لم تكن تعلم ذلك ، إنما كان يبين [ عنه ] لسانه . قال : فما لبث القاتل أن مات فدفن ، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره . قال : ثم عادوا فحفروا له وأمكنوا ودفنوه ، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره مرتين أو ثلاثا . فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب . قال : وأنزل الله تعالى هذه الآية . قال الحسن : إن الأرض تجن من هو شر منه ، ولكن وعظ القوم أن لا يعودوا .

                                                                                                                                                                  349 - أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد المزكي قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد بن بطة قال : أخبرنا أبو القاسم البغوي قال : حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال : حدثني أبي قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد ، عن أبيه قال : بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية إلى إضم ، قبل مخرجه إلى مكة ، فمر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي ، فحيانا تحية الإسلام ، فنزعنا عنه ، وحمل عليه محلم بن جثامة لشر كان بينه وبينه في الجاهلية ، فقتله واستلب بعيرا له ووطاء ومتيعا كان له . فأنهينا شأننا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه بخبره ، فأنزل الله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ) إلى آخر الآية .

                                                                                                                                                                  350 - وقال السدي : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد على سرية ، فلقي [ ص: 92 ] مرداس بن نهيك الضمري فقتله ، وكان من أهل " فدك " ولم يسلم من قومه غيره ، وكان يقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ويسلم عليهم . قال أسامة : فلما قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته فقال : قتلت رجلا يقول : لا إله إلا الله ؟ فقلت : يا رسول الله ، إنما تعوذ من القتل . فقال : كيف أنت إذا خاصمك يوم القيامة بلا إله إلا الله ، قال : فما زال يرددها علي : أقتلت رجلا يقول : لا إله إلا الله ؟ حتى تمنيت لو أن إسلامي كان يومئذ ، فنزلت : ( إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ) الآية . ونحو هذا قال الكلبي وقتادة . [ و ] يدل على صحته الحديث الذي .

                                                                                                                                                                  351 - أخبرناه أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال : أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه قال : حدثنا إبراهيم بن سفيان قال : حدثنا مسلم قال : حدثني يعقوب الدورقي قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا [ ابن ] حصين قال : حدثنا أبو ظبيان قال : سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث قال : بعثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرقة من جهينة ، فصبحنا القوم فهزمناهم . ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله . قال : فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي فقتلته ، فلما قدمنا بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا أسامة ، أقتلته بعدما قال : لا إله إلا الله ؟ قلت : يا رسول الله ، إنما كان متعوذا . قال : أقتلته بعدما قال : لا إله إلا الله ؟ قال : فما زال يكررها علي حتى تمنيت لو أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية