[ قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64يحذر المنافقون خبر وليس بأمر . ويدل على أنه خبر أن ما بعده ( إن الله مخرج ما تحذرون ) لأنهم كفروا عنادا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : قال بعض المنافقين والله وددت لو أني قدمت فجلدت مائة ولا ينزل فينا شيء يفضحنا ، فنزلت الآية . يحذر أي يتحرز . وقال
الزجاج : معناه ليحذر ، فهو أمر ، كما يقال : يفعل ذلك .
الثانية : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64أن تنزل عليهم ( أن ) في موضع نصب ، أي من أن تنزل . ويجوز على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن تكون في موضع خفض على حذف ( من ) . ويجوز أن تكون في موضع نصب مفعولة ل ( يحذر ) ؛ لأن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أجاز : حذرت زيدا ، وأنشد :
حذر أمورا لا تضير وآمن ما ليس منجيه من الأقدار
ولم يجزه
المبرد ؛ لأن الحذر شيء في الهيئة . ومعنى ( عليهم ) أي على المؤمنين . ( سورة ) في شأن المنافقين تخبرهم بمخازيهم ومساويهم ومثالبهم ، ولهذا سميت الفاضحة والمثيرة والمبعثرة ، كما تقدم أول السورة . وقال
الحسن : كان المسلمون
nindex.php?page=treesubj&link=32274يسمون هذه السورة الحفارة لأنها حفرت ما في قلوب المنافقين فأظهرته .
[ ص: 122 ] الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64قل استهزئوا هذا أمر وعيد وتهديد .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64إن الله مخرج ما تحذرون أي مظهر ما تحذرون ظهوره . قال
ابن عباس : أنزل الله أسماء المنافقين وكانوا سبعين رجلا ، ثم نسخ تلك الأسماء من القرآن رأفة منه ورحمة ؛ لأن أولادهم كانوا مسلمين والناس يعير بعضهم بعضا . فعلى هذا قد أنجز الله وعده بإظهاره ذلك إذ قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64إن الله مخرج ما تحذرون . وقيل : إخراج الله أنه عرف نبيه عليه السلام أحوالهم وأسماءهم لا أنها نزلت في القرآن ، ولقد قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30ولتعرفنهم في لحن القول وهو نوع إلهام . وكان من المنافقين من يتردد ولا يقطع بتكذيب
محمد عليه السلام ولا بصدقه . وكان فيهم من يعرف صدقه ويعاند .
[ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ خَبَرٌ وَلَيْسَ بِأَمْرٍ . وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ أَنَّ مَا بَعْدَهُ ( إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ ) لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا عِنَادًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : قَالَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ وَاللَّهِ وَدِدْتُ لَوْ أَنِّي قُدِّمْتُ فَجُلِدْتُ مِائَةً وَلَا يَنْزِلُ فِينَا شَيْءٌ يَفْضَحُنَا ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ . يَحْذَرُ أَيْ يَتَحَرَّزُ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : مَعْنَاهُ لِيَحْذَرْ ، فَهُوَ أَمْرٌ ، كَمَا يُقَالُ : يَفْعَلْ ذَلِكَ .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ ( أَنْ ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، أَيْ مِنْ أَنْ تُنَزَّلَ . وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَلَى حَذْفِ ( مِنْ ) . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ مَفْعُولَةً لِ ( يَحْذَرُ ) ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَجَازَ : حَذِرْتُ زَيْدًا ، وَأَنْشَدَ :
حَذِرٌ أُمُورًا لَا تَضِيرُ وَآمِنٌ مَا لَيْسَ مُنْجِيَهُ مِنَ الْأَقْدَارِ
وَلَمْ يُجِزْهُ
الْمُبَرِّدُ ؛ لِأَنَّ الْحَذَرَ شَيْءٌ فِي الْهَيْئَةِ . وَمَعْنَى ( عَلَيْهِمْ ) أَيْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ . ( سُورَةٌ ) فِي شَأْنِ الْمُنَافِقِينَ تُخْبِرُهُمْ بِمَخَازِيهِمْ وَمَسَاوِيهِمْ وَمَثَالِبِهِمْ ، وَلِهَذَا سُمِّيَتِ الْفَاضِحَةُ وَالْمُثِيرَةُ وَالْمُبَعْثِرَةُ ، كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ السُّورَةِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : كَانَ الْمُسْلِمُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=32274يُسَمُّونَ هَذِهِ السُّورَةَ الْحَفَّارَةَ لِأَنَّهَا حَفَرَتْ مَا فِي قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ فَأَظْهَرَتْهُ .
[ ص: 122 ] الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64قُلِ اسْتَهْزِئُوا هَذَا أَمْرُ وَعِيدٍ وَتَهْدِيدٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ أَيْ مُظْهِرٌ مَا تَحْذَرُونَ ظُهُورَهُ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : أَنْزَلَ اللَّهُ أَسْمَاءَ الْمُنَافِقِينَ وَكَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا ، ثُمَّ نَسَخَ تِلْكَ الْأَسْمَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ رَأْفَةً مِنْهُ وَرَحْمَةً ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَهُمْ كَانُوا مُسْلِمِينَ وَالنَّاسُ يُعَيِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا . فَعَلَى هَذَا قَدْ أَنْجَزَ اللَّهُ وَعْدَهُ بِإِظْهَارِهِ ذَلِكَ إِذْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=64إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ . وَقِيلَ : إِخْرَاجُ اللَّهِ أَنَّهُ عَرَّفَ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحْوَالَهُمْ وَأَسْمَاءَهُمْ لَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ ، وَلَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَهُوَ نَوْعُ إِلْهَامٍ . وَكَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ مَنْ يَتَرَدَّدُ وَلَا يَقْطَعُ بِتَكْذِيبِ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَا بِصِدْقِهِ . وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يَعْرِفُ صِدْقَهُ وَيُعَانِدُ .