الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          سلام عليكم بما صبرتم ، تحيتهم يوم يلقونه سلام وهذا يتضمن معنى الإيناس بإقراء السلام، فإقراء السلام في ذاته إيناس، وفيه مع ذلك بث الاطمئنان وطيب الإقامة، وذلك بسبب الصبر، أي بسبب صبركم في الجهاد، وصبركم على الطاعات وتجنب الشهوات، وصبركم على تحمل المكاره، وصبركم على البعد عن الأحبة، وقد روى عبد الله بن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله؟ "، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " المجاهدون الذين تسد بهم الثغور، وتتقى بهم النار، فيموت أحدهم وحاجته في نفسه لا يستطيع لها قضاء، فتأتيهم الملائكة فيدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " .

                                                          ولقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأتي على قبور الشهداء كل حول فيقول: " السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " ، وكان أبو بكر وعمر وعثمان يفعلون ذلك، ولم يذكر علي مع أنه بطل الجهاد الأول بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أعرف الناس بعد الرسول بحق الجهاد وهو القائل: (الجهاد باب من أبواب الجنة) .

                                                          وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الجهاد ماض إلى يوم القيامة "، وإن المسلمين هانوا على أنفسهم يوم بث أعداؤهم التخاذل عن الجهاد، فأطاعوهم، فخذلهم الله تعالى، ولا تزال تطلع على المتخاذلين من المسلمين عن الجهاد، فقد ساروا وراء أذيال النعم، وصاروا عاملين لأعدائهم يقدمون لهم أسباب المال الذي يستخدمونه ضدهم.

                                                          ثم بين سبحانه أن هذا الجزاء هو خير الجزاء، فقال: فنعم عقبى الدار

                                                          الفاء للإفصاح، أي إذا كان ذلك هو العقبى والنتيجة، فنعم هذه العقبى، وتلك النهاية.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية