الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب في ذكر قوله تعالى " إذ تصعدون " .

                                                                                                                                                                                  قوله " إذ " نصب بقوله " ثم صرفكم عنهم " أو بقوله " ليبتليكم أو بإضمار اذكر يا محمد " إذ تصعدون " ، وهو من الإصعاد وهو الذهاب في الأرض والإبعاد فيه ، يقال صعد في الجبل وأصعد في الأرض ، يقال أصعدنا من مكة إلى المدينة ، وقرأ الحسن " تصعدون " بفتح التاء ; يعني في الجبل ، قال الزمخشري : وتعضد القراءة الأولى قراءة أبي " تصعدون " في الوادي ، وقرأ أبو حيوة " تصعدون " بفتح التاء وتشديد العين من تصعد في السلم . وقال المفضل : صعد وأصعد بمعنى .

                                                                                                                                                                                  قوله " ولا تلوون " ; أي ولا تعرجون ولا تقيمون ، أي لا يلتفت بعضكم على بعض هربا ، وأصله من لي العنق في الالتفات ثم استعمل في ترك التصريح ، وقرأ الحسن " تلون " بواو واحدة ، وقال الزمخشري : وقرئ " يصعدون ، ويلوون " بالياء - يعني فيهما .

                                                                                                                                                                                  وقوله " على أحد " ، قال الكلبي : يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، وقراءة عائشة رضي الله تعالى عنها " على أحد " بضم الهمزة والحاء - يعني الجبل .

                                                                                                                                                                                  قوله " والرسول " الواو فيه للحال .

                                                                                                                                                                                  قوله " يدعوكم " ، كأنه يقول : إلي عباد الله إلي عباد الله ، أنا رسول الله ، من يكرمه فله الجنة .

                                                                                                                                                                                  قوله " في أخراكم " ; أي من خلفكم ، وقال الزمخشري : في ساقتكم وجماعتكم الأخرى ، وهي الجماعة المتأخرة .

                                                                                                                                                                                  قوله " فأثابكم " عطف على قوله " ثم صرفكم " ; أي فجازاكم الله غما حين صرفكم عنهم وابتلاكم بسبب غم أذقتموه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعصيانكم له ، أو غما مضاعفا ، غما بعد غم متصلا بغم ، من الاغتمام بما أرجف به من قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والجرح والقتل وظفر المشركين وفوت الغنيمة والنصر ، وقال ابن عباس : الغم الأول بسبب الهزيمة وحين قيل قتل محمد ، والثاني حين علاهم المشركون فوق الجبل - رواه ابن مردويه ، وروى ابن أبي حاتم عن قتادة نحو ذلك ، وقال السدي : الغم الأول بسبب ما فاتهم من الغنيمة والفتح ، والثاني بإشراف العدو عليهم ، وقيل غير ذلك .

                                                                                                                                                                                  قوله " لكيلا تحزنوا على ما فاتكم " ، قيل : متصل بقوله " ولقد عفا عنكم " ، " لكيلا تحزنوا " على ما فاتكم من الغنيمة " ولا ما أصابكم " من القتل والجرح ; لأن عفوه يذهب ذلك كله ، وقيل : صلة - فيكون المعنى لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم عقوبة لكم في خلافكم ، والله خبير بعملكم كله .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية