الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون .

                                                                                                                                                                                                                                      أولئك : إشارة إلى الصابرين؛ باعتبار اتصافهم بما ذكر من النعوت؛ ومعنى البعد فيه للإيذان بعلو رتبتهم؛ عليهم صلوات من ربهم ورحمة ؛ [ ص: 181 ] الصلاة من الله - سبحانه -: المغفرة؛ والرأفة؛ وجمعها للتنبيه على كثرتها؛ وتنوعها؛ والجمع بينهما وبين الرحمة للمبالغة؛ كما في قوله (تعالى): رأفة ورحمة ؛ رءوف رحيم ؛ والتنوين فيهما للتفخيم؛ والتعرض لعنوان الربوبية؛ مع الإضافة إلى ضميرهم؛ لإظهار مزيد العناية بهم؛ أي: أولئك الموصوفون بما ذكر من النعوت الجليلة عليهم فنون الرأفة؛ الفائضة من مالك أمورهم؛ ومبلغهم إلى كمالاتهم اللائقة بهم؛ وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته؛ وأحسن عقباه؛ وجعل له خلفا صالحا يرضاه"؛ وأولئك : إشارة إليهم؛ إما بالاعتبار السابق؛ والتكرير لإظهار كمال العناية بهم؛ وإما باعتبار حيازتهم لما ذكر من الصلوات؛ والرحمة؛ المترتب على الاعتبار الأول؛ فعلى الأول المراد بالاهتداء في قوله - عز وجل -: هم المهتدون ؛ هو الاهتداء للحق؛ والصواب؛ مطلقا؛ لا الاهتداء لما ذكر من الاسترجاع؛ والاستسلام؛ خاصة؛ لما أنه متقدم عليهما؛ فلا بد لتأخيره عما هو نتيجة لهما من داع يوجبه؛ وليس بظاهر؛ والجملة اعتراض مقرر لمضمون ما قبله؛ كأنه قيل: وأولئك هم المختصون بالاهتداء لكل حق وصواب؛ ولذلك استرجعوا؛ واستسلموا لقضاء الله (تعالى)؛ وعلى الثاني هو الاهتداء؛ والفوز بالمطالب؛ والمعنى: أولئك هم الفائزون بمباغيهم الدينية؛ والدنيوية؛ فإن من نال رأفة الله (تعالى)؛ ورحمته لم يفته مطلب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية