الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( سؤال ) آخر ما لا ضابط له ولا تحديد وقع في الشرع على قسمين : قسم اقتصر فيه على أقل ما تصدق عليه تلك الحقيقة فمن باع عبدا واشترط أنه كاتب يكفي في هذا الشرط مسمى الكتابة ولا يحتاج إلى المهارة فيها في تحقيق هذا الشرط وكذلك شروط السلم في سائر الأوصاف وأنواع الحرف يقتصر على مسماها دون مرتبة معينة منها والقسم الآخر ما وقع مسقطا للعبادات لم يكتف الشرع في إسقاطها بمسمى تلك المشاق بل لكل عبادة مرتبة معينة من مشاقها المؤثرة في إسقاطها فما الفرق بين العبادات والمعاملات .

( جوابه ) العبادات مشتملة على مصالح العباد ومواهب ذي الجلال وسعادة الأبد فلا يليق تفويتها بمسمى المشقة مع يسارة احتمالها ولذلك كان ترك الترخص في كثير من العبادات أولى ولأن تعاطي العبادة مع المشقة أبلغ في إظهار الطواعية وأبلغ في التقرب ولذلك قال : عليه السلام { أفضل العبادات أحزها } أي أشقها وقال : { أجرك على قدر نصبك } وأما المعاملات فتحصل مصالحها التي بذلت الأعواض فيها بمسمى حقائق الشرع والشروط بل التزام غير ذلك يؤدي إلى كثرة الخصام ونشر الفساد وإظهار العناد .

التالي السابق


حاشية ابن الشاط

قال : ( سؤال آخر ما لا ضابط له ولا تحديد وقع في الشرع على قسمين إلى آخر جوابه ) قلت : وما قاله أيضا في ذلك صحيح .



حاشية ابن حسين المكي المالكي

والفرق بين العبادات لم يكتف الشرع في إسقاطها بمسمى تلك المشاق بل لكل عبادة مرتبة معينة من مشاقها المؤثرة في إسقاطها كما علمت [ ص: 133 ] وبين المعاملات اكتفى الشرع في إسقاط المسئولية فيها على أقل ما تصدق عليه حقيقة الشرط الذي تقتضيه حقيقتها إن باع عبدا أو اشترط أنه كاتب يكفي في تحقيق هذا الشرط مسمى الكتابة ولا يحتاج إلى المهارة فيها وكذلك شروط السلم في سائر الأوصاف وأنواع الحرف يقتصر على مسماها دون مرتبة معينة منها هو أن العبادة لما كانت مشتملة على مصالح العباد ومواهب ذي الجلال وسعادة الأبد كان تفويتها بمسمى المشقة مع يسارة احتمالها غير لائق ولذلك كان ترك الترخيص في كثير من العبادات أولى وكان تعاطي العبادة مع المشقة أبلغ في إظهار الطوعية وأبلغ في التقرب ولذلك قال : عليه الصلاة والسلام { أفضل العبادة أحزمها } أي أشقها وقال : { أجرك على قدر نصبك } والمعاملات لما كانت مصالحها التي بذلت الأعواض فيها تحصل بمسمى حقائق الشرع والشروط كان التزام غير ذلك فيها يؤدي إلى كثرة الخصام ونشر الفساد وإظهار العناد والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية