الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الرابع في السكنى

                                                                                                                                                                        المعتدة عن طلاق رجعي أو بائن بخلع ، أو باستيفاء الطلقات ، تستحق السكنى حاملا كانت أو حائلا ، وكذا المعتدة عن وفاة على الأظهر . وأما المعتدة عن النكاح بفرقة غير الطلاق في الحياة ، كالفسخ بردة أو إسلام أو رضاع أو عيب ونحوه ، ففيها خمسة طرق :

                                                                                                                                                                        أحدها : على قولين كالمعتدة عن وفاة .

                                                                                                                                                                        [ ص: 409 ] والثاني : إن كان لها مدخل في ارتفاع النكاح ، بأن فسخت بخيار العتق ، أو بعيب الزوج ، أو فسخ بعيبها ، فلا سكنى قطعا ، وإن لم يكن ، بأن انفسخ بإسلامه أو ردته ، أو إرضاع أجنبي ، ففي استحقاقها السكنى القولان .

                                                                                                                                                                        والثالث : إن كان لها مدخل ، فلا سكنى ، وإلا فلها السكنى قطعا .

                                                                                                                                                                        والرابع : ذكره البغوي : إن كانت الفرقة بعيب أو غرور ، فلا سكنى ، وإن كانت برضاع أو مصاهرة أو خيار عتق ، فلها السكنى على الأصح ، لأن السبب لم يكن موجودا يوم العقد ، ولا استند إليه . قال : والملاعنة تستحق قطعا كالمطلقة ثلاثا .

                                                                                                                                                                        والخامس : القطع بأنها تستحق السكنى ، لأنها معتدة عن نكاح بفرقة في الحياة كالمطلقة . قال المتولي : هذا هو المذهب . وأما المعتدة عن وطء شبهة أو نكاح فاسد ، وأم الولد إذا أعتقها سيدها ، فلا سكنى لهن ، هذا بيان السكنى ، وأما النفقة والكسوة ، فمؤخرتان إلى " كتاب النفقات " .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        الصغيرة التي لا تحتمل الجماع ، هل تستحق النفقة ؟ فيه خلاف يأتي في النفقات إن شاء الله تعالى . فإن قلنا : تستحقها ، استحقت السكنى في العدة ، وإلا فلا ، والأمة المزوجة ذكرنا أنه ليس على السيد أن يسلمها ليلا ونهارا ، بل له استخدامها نهارا ، وكذا الحكم في زمن العدة ، فإن سلمها ليلا ونهارا ، أو رفع اليد عنها ، استحقت السكنى . وإن كان يستخدمها نهارا ، فقد ذكرنا خلافا في استحقاقها ، النفقة في صلب النكاح . فإن استحقتها ، استحقت السكنى في العدة ، وإلا فلا ، لكن للزوج أن يسكنها حالة فراغها من خدمة السيد لتحصينها .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا طلقها وهي ناشزة ، فلا سكنى لها في العدة ، لأنها لا تستحق النفقة والسكنى [ ص: 410 ] في صلب النكاح ، فبعد البينونة أولى ، كذا قاله القاضي حسين والمتولي ، وزاد المتولي فقال : وكذا لو نشزت في العدة ، سقطت سكناها . فلو عادت إلى الطاعة ، عاد حق السكنى . قال الإمام : إذا طلقت في مسكن النكاح ، فعليها ملازمته لحق الشرع ، فإن أطاعت استحقت السكنى ، وعبر بعضهم عن كلام الإمام ، بأنها إن نشزت على الزوج في بيته ، فلها السكنى في العدة ، وإن خرجت من بيته واستعصت عليه ، فلا سكنى .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية