الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            في الحديث نحن معشر الأنبياء أولاد علات ، ديننا واحد ، وأمهاتنا شتى والمعنى أن شرائعهم ، وإن اختلفت في الفروع ، ونسخ بعضها بعضا حتى انتهى الجميع إلى ما شرع الله لمحمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين ، إلا أن كل نبي بعثه الله فإنما دينه الإسلام وهو التوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له ، كما قال الله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون [ الأنبياء : 25 ] وقال تعالى واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون [ الزخرف : 45 ] وقال تعالى ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة الآية [ النحل : 36 ] فأولاد العلات أن يكون الأب واحدا والأمهات متفرقات فالأب بمنزلة الدين وهو التوحيد والأمهات بمنزلة الشرائع في اختلاف أحكامها ، كما قال تعالى . وقال لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه [ الحج : 67 ] وقال ولكل وجهة هو موليها [ البقرة : 148 ] على أحد القولين في تفسيرها .

            والمقصود أن الشرائع ، وإن تنوعت في أوقاتها إلا أن الجميع آمرة بعبادة الله وحده لا شريك له وهو دين الإسلام الذي شرعه الله لجميع الأنبياء وهو الدين الذي لا يقبل الله غيره يوم القيامة . كما قال تعالى ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [ آل عمران : 85 ] وقال تعالى ومن يرغب عن ملة ابراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون [ البقرة : 130 - 132 ] وقال تعالى إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا الآية [ المائدة : 44 ] فدين الإسلام هو عبادة الله وحده لا شريك له وهو الإخلاص له وحده دون ما سواه والإحسان أن يكون على الوجه المشروع في ذلك الوقت المأمور به ، ولهذا لا يقبل الله من أحد عملا بعد أن بعث محمدا صلى الله عليه وسلم ، إلا على ما شرعه له ، كما قال تعالى قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا [ الأعراف : 158 ] وقال تعالى وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ [ الأنعام : 19 ] وقال تعالى ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده [ هود : 17 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعثت إلى الأحمر والأسود قيل : أراد العرب والعجم . وقيل : الإنس والجن . وقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ، ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم والأحاديث في هذا كثيرة جدا .

            والمقصود أن إخوة العلات أن يكونوا من أب واحد وأمهاتهم شتى ، مأخوذ من شرب العلل بعد النهل ، وأما إخوة الأخياف فعكس هذا أن تكون أمهم واحدة من آباء شتى ، وإخوة الأعيان فهم الأشقاء من أب واحد وأم واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية