الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ومن الناس من يجادل " قد سبق بيانه . وهذا مما نزل في النضر أيضا . والهدى : البيان والبرهان .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ثاني عطفه " العطف : الجانب ، وعطفا الرجل : جانباه عن يمين وشمال ، وهو الموضع الذي يعطفه الإنسان ويلويه عند إعراضه عن المشي . قال الزجاج : " ثاني " منصوب على الحال ، ومعناه التنوين ، معناه : ثانيا عطفه . وجاء في التفسير : أن معناه : لاويا عنقه ، وهذا يوصف به المتكبر ، والمعنى : ومن الناس من يجادل بغير علم متكبرا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ليضل " ; أي : ليصير أمره إلى الضلال ، فكأنه وإن لم يقدر أنه يضل ، فإن أمره يصير إلى ذلك . " له في الدنيا خزي " وهو ما أصابه يوم بدر ، وذلك أنه قتل . وما بعد هذا قد سبق تفسيره [ يونس : 70 ] إلى قوله تعالى : " ومن الناس من يعبد الله على حرف " وفي سبب نزول هذه الآية قولان :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 410 ] أحدهما : أن ناسا من العرب كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون : نحن على دينك ، فإن أصابوا معيشة ، ونتجت خيلهم ، وولدت نساؤهم الغلمان ، اطمأنوا وقالوا : هذا دين حق ، وإن لم يجر الأمر على ذلك قالوا : هذا دين سوء ، فينقلبون عن دينهم ، فنزلت هذه الآية ، هذا معنى قول ابن عباس ، وبه قال الأكثرون .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أن رجلا من اليهود أسلم ، فذهب بصره وماله وولده ، فتشاءم بالإسلام ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أقلني ، فقال : " إن الإسلام لا يقال " . فقال : إن لم أصب في ديني هذا خيرا ، أذهب بصري ومالي وولدي . فقال : " يا يهودي ; إن الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والفضة والذهب " ، فنزلت هذه الآية ، رواه عطية عن أبي سعيد الخدري .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية