الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في شروط القصر وتوابعها [ ص: 379 ] قوله وهي ثمانية أحدها سفر طويل و ( طويل السفر ثمانية وأربعون ميلا ) ذهابا فقط تحديدا ولو ظنا لقولهم لو شك في المسافة اجتهد وفارقت المسافة بين الإمام والمأموم بأن القصر على خلاف الأصل فاحتيط له ، والقلتين بأنه لم يرد بيان للمنصوص عليه فيهما من الصحابة بخلاف ما هنا ( هاشمية ) نسبة للعباسيين لا لهاشم جدهم كما وقع للرافعي وأربعون ميلا أموية إذ كل خمسة من هذه ستة من تلك وذلك لما صح أن ابني عمر وعباس رضي الله عنهم كانا يقصران ويفطران في أربعة برد ولا يعرف لهما مخالف ومثله لا يكون إلا عن توقيف بل جاء ذلك في حديث مرفوع صححه ابن خزيمة ، والبريد أربعة فراسخ ، والفرسخ ثلاثة أميال ، والميل أربعة آلاف خطوة والخطوة ثلاثة أقدام فهو ستة آلاف ذراع كذا قالوه هنا [ ص: 380 ] واعترض بأن الذي صححه ابن عبد البر وهو ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة هو الموافق لما ذكروه في تحديد ما بين مكة ومنى وهي ومزدلفة وهي وعرفة ومكة والتنعيم ، والمدينة وقباء وأحد بالأميال . ا هـ .

                                                                                                                              ويرد بأن الظاهر أنهم في تلك المسافات قلدوا المحددين لها من غير اختبارها لبعدها عن ديارهم على أن بعض المحددين اختلفوا في ذلك وغيره اختلافا كثيرا كما بينته في حاشية إيضاح المصنف وحينئذ فلا يعارض ذلك ما حددوه هنا واختبروه لا سيما وقول مثل ابن عباس وابن عمر وغيرهما أن كلا من جدة والطائف وعسفان على مرحلتين من مكة صريح فيما ذكروه هنا نعم قد يعارض ذكر الطائف قولهم في قرن أنه على مرحلتين أيضا مع كونه أقرب إلى مكة بنحو ثلاثة أميال أو أربعة وقد يجاب بأن المراد بالطائف هو ما قرب إليه فشمل قرن ( قلت وهو مرحلتان بسير الأثقال ) ودبيب الأقدام على العادة وهما يومان أو ليلتان أو يوم وليلة معتدلان أو يوم بليلته أو عكسه ، وإن لم يعتدلا كما أفهمه كلام الإسنوي ومن تبعه وبه يعلم أن المراد بالمعتدلين أن يكونا بقدر زمن اليوم بليلته وهو ثلثمائة وستون درجة مع النزول المعتاد لنحو الاستراحة والأكل ، والصلاة فيعتبر زمن ذلك ، وإن لم يوجد كما هو ظاهر ( والبحر كالبر ) في اشتراط المسافة المذكورة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل ) في شروط القصر وتوابعها [ ص: 379 ] قوله : وفارقت المسافة بين الإمام والمأموم ) أي حيث كانت تقريبا ( قوله : لا لهاشم جدهم كما وقع للرافعي ) لقائل أن يقول ما وقع للرافعي صحيح غير مخالف للمقصود ؛ لأن النسبة لبني هاشم طريقها النسبة لهاشم فالوجه أنه لا اعتراض عليه بمجرد قوله أنها نسبة لهاشم اللهم إلا أن يكون في كلامه شيء آخر ينافي ذلك فليراجع ثم راجعته فرأيته ذكر ما ينافي ذلك حيث قال وهو أميال هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قدر أميال البادية . ا هـ . ( قوله : والخطوة ثلاثة أقدام ) أي فهي اثنا عشر ألف قدم قال في شرح العباب [ ص: 380 ] والقدم نصف ذراع ( قوله : صريح فيما ذكروه هنا ) يتأمل ( قوله معتدلان ) راجع للجميع ( قوله : فيعتبر زمن ذلك ) أي حتى لو كانت المسافة تقطع في دون يوم وليلة إذا لم يوجد ما ذكر من النزول وغيره ولو وجد لم يقطع إلا في يوم وليلة جاز القصر فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في شروط القصر وتوابعها ) ( قوله : في شروط القصر ) إلى قوله كذا قالوه في النهاية ، والمغني [ ص: 379 ] قوله : وتوابعها ) أي كمسألة الاستخلاف ومسألتي أفضلية القصر وأفضلية الصوم ( قوله : وهي ثمانية إلخ ) وهي كما ستأتي طول السفر وجوازه وعلم المقصد وعدم الربط بمقيم ونية القصر وعدم المنافي لها ودوام السفر والعلم بالكيفية برماوي ( قوله : أحدها سفر طويل ) ولم ينبه عليه المصنف لتقدم التصريح به في قوله في السفر الطويل ع ش ( قوله : ذهابا فقط ) أي لا ذهابا وإيابا حتى لو قصد مكانا على مرحلة بنية أن لا يقيم فيه بل يرجع لم يقصر لا ذهابا ولا إيابا ، وإن حصل له مشقة مرحلتين شيخنا ومغني

                                                                                                                              ( قوله : تحديدا ) أي حال كون الثمانية ، والأربعين ميلا محددة فيضر النقض ولو شيئا يسيرا ولا تضر الزيادة شيخنا ( قوله ولو ظنا ) أي ناشئا عن قرينة قوية كما أشعر به قوله لقولهم إلخ ع ش عبارة شيخنا ويكفي الظن بالاجتهاد . ا هـ . وعبارة المغني ولو شك في طول سفره اجتهد ، فإن ظهر له أنه القدر المعتبر قصر وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فارقت ) أي مسافة القصر ( المسافة إلخ ) أي حيث كانت تقريبا سم ( قوله : فاحتيط له ) ولا ينافي تحديد مسافة القصر بذلك جعلهم لها مرحلتين وهما سير يومين معتدلين أو ليلتين معتدلتين أو يوم وليلة ، وإن لم يعتدلا بسير الأثقال وهي الإبل المحملة مع اعتبار النزول المعتاد للأكل ، والشرب ، والصلاة ، والاستراحة ؛ لأن ذلك يزيد عليها شيخنا ( قوله : والقلتين ) أي تقدير القلتين حيث كان الأصح فيه التقريب مغني ( قوله : بأنه لم يرد بيان للمنصوص عليه فيهما ) أي القلتين وكذا لم يرد بيان المسافة بين الإمام ، والمأموم ، وإن أوهمت عبارته خلافه ع ش عبارة المغني وكذا مسافة الإمام ، والمأموم لا تقدير فيها بالأذرع . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف ما هنا ) أي ؛ لأن تقدير الأميال ثابت عن الصحابة مغني قول المتن ( هاشمية ) هو بالرفع أي على الوصفية والنصب أي على الحالية ع ش ( قوله : نسبة للعباسيين ) عبارة النهاية نسبة إلى بني هاشم لتقديرهم لها وقت خلافتهم بعد تقدير بني أمية لها . ا هـ . ( قوله : لا لهاشم جدهم كما وقع للرافعي ) ينبغي أن يراجع كلام الرافعي ، فإن صرح بنسبة التحديد إلى الجد فمشكل ، وإن اقتصر على قوله لهاشم احتمل توجيهه بأن مراده الإشارة إلى أنه إذا أريد النسبة إلى التركيب الإضافي نسب إلى الجزء الثاني منه لا الأول ولا هما بصري وفي سم بعد ذكر مثله ثم راجعت كلام الرافعي فوجدته مصرحا بنسبته إلى الجد . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أموية ) هو بضم الهمزة نسبة إلى بني أمية ، وأما الأموية بفتحها نسبة إلى أمة بن بجيلة بن زمان بن ثعلبة فليس بمراد هنا شيخنا و ع ش ( قوله : وأربعون إلخ ) عطف على قول المتن ثمانية إلخ ( قوله : وذلك ) أي التحديد المذكور ( قوله : ولا يعرف لهما مخالف ) أي فذلك مجمع عليه بالإجماع السكوتي ( قوله : ومثله ) أي ما فعلا من القصر ، والإفطار في أربعة برد ( قوله : لا يكون إلا عن توقيف ) أي عن سماع أو رؤية من الشارع إذ لا مدخل للاجتهاد فيه فحكمه حكم المرفوع فصح كونه دليلا برماوي ( قوله : بل جاء ذلك ) أي جواز القصر ، والإفطار في أربعة برد

                                                                                                                              ( قوله : أربعة آلاف خطوة ) أي بخطوة البعير بضم الخاء اسم لما بين القدمين ، وأما بالفتح وهو اسم لنقل الرجل من محل لآخر فليس بمرادها بجيرمي و ع ش ( قوله : والخطوة ثلاثة أقدام ) أي فالميل اثنا عشر ألف قدم نهاية وسم أي بقدم الآدمي ع ش وشيخنا أي ، والقدمان ذراع ، والذراع أربعة وعشرون أصبعا معترضات ، والإصبع ست شعيرات معتدلات ، والشعيرة ست شعرات من شعر البرذون مغني أي الفرس الذي أبواه عجميان فمسافة القصر بالأقدام خمسمائة ألف وستة وسبعون ألفا وبالأذرع مائتا ألف وثمانية وثمانون ألفا وبالأصابع ستة آلاف ألف وتسعمائة ألف واثنا عشر ألفا وبالشعيرات إحدى وأربعون ألف ألف وأربعمائة ألف واثنان وسبعون ألفا وبالشعرات مائتا ألف ألف وثمانية وأربعون ألف ألف وثمانمائة ألف واثنان وثلاثون ألفا كردي على بافضل وفي حاشية شيخنا على الغزي [ ص: 380 ] مثله إلا أنه فسر البرذون بالبغل ، وعبارة الشوبري ، والشعيرة ستة شعرات من ذنب البغل . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : واعترض ) أي قولهم الميل ستة آلاف ذراع ( قوله : وهو إلخ ) بدل من الموصول ، والضمير للميل ( وقوله : هو الموافق إلخ ) خبر إن ( قوله : ويرد ) أي ذلك الاعتراض ( قوله : إنهم ) أي الأصحاب يعني ما ذكروه ( و قوله : في تلك المسافات ) أي في تحديد ما بين مكة ومنى إلخ على حذف المضاف .

                                                                                                                              ( قوله : فلا يعارض ذلك ) أي ما ذكروه في تحديد ما بين تلك الأماكن ( وقوله : هنا ) أي في مسافة القصر ( قوله : صريح إلخ ) يتأمل سم ( قوله : مع كونه أقرب إلخ ) أي من الطائف ( قوله : فيشمل قرن ) كذا في أصله بخطه رحمه الله تعالى ولعله استعمله ممنوعا من الصرف بتأويل البقعة بصري .

                                                                                                                              قول المتن ( قلت ) أي كما قال الرافعي في الشرح محلى ومغني ونهاية قول المتن ( وهي ) أي الثمانية وأربعون ميلا وعبارة النهاية ، والمغني وهو أي السفر الطويل . ا هـ .

                                                                                                                              قول المتن ( بسير الأثقال ) أي الحيوانات المثقلة بالأحمال نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر أي الحيوانات ظاهره سواء الجمال ، والبغال ، والحمير لكن ببعض الهوامش أن المراد بالأثقال الجمال ويلحق بها البغال فليراجع ع ش وفي البجيرمي والكردي على بافضل عن الحلبي والشوبري المراد الإبل المحملة لأن خطوة البعير أوسع حينئذ . ا هـ . ( قوله : ودبيب ) إلى قوله فيعتبر في المغني إلا قوله أو يوم وليلة وقوله ، وإن لم يعتد لا إلى مع النزول وإلى قوله وبه يفرق في النهاية إلا ما ذكر وقوله فيعتبر إلى المتن ( قوله : على العادة ) أي في صفة السير بحيث لا يكون بالتأني ولا الإسراع وهو غير ما يأتي في قوله مع النزول المعتاد إلخ فهما قيدان مختلفان ع ش ( قوله : معتدلان ) راجع للجميع سم ( قوله : إن المراد بالمعتدلين ) أي المار آنفا

                                                                                                                              ( قوله : مع النزول المعتاد إلخ ) صريح صنيع المغني ، والنهاية أنه متعلق بسير الأثقال وقال الكردي إنه متعلق بقدر زمن اليوم إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فيعتبر زمن ذلك إلخ ) أي حتى لو كانت المسافة تقطع في دون يوم وليلة إذا لم يوجد ما ذكر من النزول وغيره ولو وجد لم تقطع إلا في يوم وليلة جاز القصر فليتأمل سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية