[ ص: 337 ] ( سُورَةُ
نُوحٍ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ آيَةً )
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=1إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=2قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=3أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=4يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=8ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=9ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=11يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=12وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=15أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=18ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=19وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=20لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=21قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=22وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=23وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=24وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=25مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=27إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=28رَبِ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا الْأَطْوَارُ : الْأَحْوَالُ الْمُخْتَلِفَةُ ، قَالَ :
فَإِنً أَفَاقَ فَقَدْ طَارَتْ عَمَايَتُهُ وَالْمَرْءُ يُخْلَقُ طَوْرًا بَعْدَ أَطْوَارِ
وَدٌّ وَسُوَاعٌ وَيَغُوثُ وَيَعُوقُ وَنَسْرٌ : أَسْمَاءُ أَصْنَامٍ أَعْلَامٌ لَهَا اتَّخَذَهَا قَوْمُ
نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - آلِهَةً .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29042إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=2قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=3أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=4يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=6فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=8ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=9ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=11يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=12وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا .
[ ص: 338 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ . وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا : أَنَّهُ تَعَالَى لِمَّا أَقْسَمَ عَلَى أَنْ يُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ ، وَكَانُوا قَدْ سَخِرُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَّبُوا بِمَا وَعَدُوا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ ، ذَكَرَ قِصَّةَ
نُوحٍ وَقَوْمِهِ مَعَهُ ، وَكَانُوا أَشَدَّ تَمَرُّدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أَخْذَ اسْتِئْصَالٍ حَتَّى أَنَّهُ لَمْ يُبْقِ لَهُمْ نَسْلًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، وَكَانُوا عُبَّادَ أَصْنَامٍ كَمُشْرِكِي
مَكَّةَ ، فَحَذَّرَ تَعَالَى
قُرَيْشًا أَنْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ يَسْتَأْصِلُهُمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا . وَ
نُوحٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوَّلُ نَبِيٍّ أُرْسِلَ ، وَيُقَالُ لَهُ شَيْخُ الْمُرْسَلِينَ ، وَ
آدَمُ الثَّانِي ، وَهُوَ
نُوحُ بْنُ لَامَكَ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بْنِ خَنُوخَ ، وَهُوَ
إِدْرِيسُ بْنُ بُرْدِ بْنِ مَهَلَايِيلَ بْنِ أَنُوشِ بْنِ قَيْنَانَ بْنِ شِيثٍ بْنِ آدَمَ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=1أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ( أَنْ ) مَصْدَرِيَّةً وَأَنْ تَكُونَ تَفْسِيرِيَّةً .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=1عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : عَذَابُ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الطُّوفَانِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=4مِنْ ذُنُوبِكُمْ : مِنْ لِلتَّبْعِيضِ ; لِأَنَّ الْإِيمَانَ إِنَّمَا يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ لَا مَا بَعْدَهُ . وَقِيلَ : لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ . وَقِيلَ : زَائِدَةٌ ، وَهُوَ مَذْهَبُ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : كُوفِيٌّ ، وَأَقُولُ : أَخْفَشِيٌّ لَا كُوفِيٌّ ; لِأَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ ( مِنْ ) نَكِرَةٌ ، وَلَا يُبَالُونَ بِمَا قَبْلَهَا مِنْ وَاجِبٍ أَوْ غَيْرِهِ ،
وَالْأَخْفَشُ يُجِيزُ مَعَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ . وَقِيلَ : النَّكِرَةُ وَالْمَعْرِفَةُ . وَقِيلَ : لِبَيَانِ الْجِنْسِ ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْلَهَا مَا تُبَيِّنُهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : كَيْفَ قَالَ : ( وَيُؤَخِّرْكُمْ ) مَعَ إِخْبَارِهِ بِامْتِنَاعِ تَأْخِيرِ الْأَجَلِ ؟ وَهَلْ هَذَا إِلَّا تَنَاقُضٌ ؟ ( قُلْتُ ) : قَضَى اللَّهُ مَثَلًا أَنَّ قَوْمَ
نُوحٍ إِنْ آمَنُوا عَمَّرَهُمْ أَلْفَ سَنَةٍ ، وَإِنْ بَقُوا عَلَى كُفْرِهِمْ أَهْلَكَهُمْ عَلَى رَأْسِ تِسْعِمِائَةِ سَنَةٍ ، فَقِيلَ لَهُمْ : آمِنُوا يُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، أَيْ : إِلَى وَقْتٍ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَضَرَبَهُ أَمَدًا تَنْتَهُونَ إِلَيْهِ لَا تَتَجَاوَزُونَهُ ، وَهُوَ الْوَقْتُ الْأَطْوَلُ تَمَامُ الْأَلْفِ . ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ إِذَا جَاءَ ذَلِكَ الْأَجَلُ الْأَمَدُ ، لَا يُؤَخَّرُ كَمَا يُؤَخَّرُ هَذَا الْوَقْتُ ، وَلَمْ تَكُنْ لَكُمْ حِيلَةٌ ، فَبَادِرُوا فِي أَوْقَاتِ الْإِمْهَالِ وَالتَّأْخِيرِ . انْتَهَى . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=4وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى مِمَّا تَعَلَّقَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ بِهِ فِي قَوْلِهِمْ أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَجَلَيْنِ ، قَالُوا : لَوْ كَانَ وَاحِدًا مُحَدَّدًا لَمَا صَحَّ التَّأْخِيرُ ، إِنْ كَانَ الْحَدُّ قَدْ بَلَغَ ، وَلَا الْمُعَاجَلَةُ إِنْ كَانَ لَمْ يَبْلُغْ ، قَالَ : وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الْآيَةِ تَعَلُّقٌ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى : أَنَّ
نُوحًا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُمْ مِمَّنْ يُؤَخَّرُ أَوْ مِمَّنْ يُعَاجَلُ ، وَلَا قَالَ لَهُمْ إِنَّكُمْ تُؤَخَّرُونَ عَنْ أَجْلٍ قَدْ حَانَ لَكُمْ ، لَكِنْ قَدْ سَبَقَ فِي الْأَزَلِ أَنَّهُمْ ، إِمَّا مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِالْإِيمَانِ وَالتَّأْخِيرِ ، وَإِمَّا مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِالْكُفْرِ وَالْمُعَاجَلَةِ . ثُمَّ تَشَدَّدَ هَذَا الْمَعْنَى وَلَاحَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=4إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، لَبَادَرْتُمْ إِلَى عِبَادَتِهِ وَتَقْوَاهُ ، وَطَاعَتِي فِيمَا جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْهُ تَعَالَى . وَلَمَّا لَمْ يُجِيبُوهُ وَآذَوْهُ ; شَكَا إِلَى رَبِّهِ شَكْوَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِحَالِهِ مَعَ قَوْمِهِ لَمَّا أُمِرَ بِالْإِنْذَارِ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29042قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا أَيْ : جَمِيعَ الْأَوْقَاتِ مِنْ غَيْرِ فُتُورٍ وَلَا تَعْطِيلٍ فِي وَقْتٍ . وَلَمَّا ازْدَادُوا إِعْرَاضًا وَنِفَارًا عَنِ الْحَقِّ ، جَعَلَ الدُّعَاءَ هُوَ الَّذِي زَادَهُمْ ، إِذْ كَانَ سَبَبَ الزِّيَادَةِ ، وَمِثْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=125فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ أَيْ : لِيَتُوبُوا فَتَغْفِرَ لَهُمْ ، ذَكَرَ الْمُسَبِّبَ الَّذِي هُوَ حَظُّهُمْ خَالِصًا لِيَكُونَ أَقْبَحَ فِي إِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ : الظَّاهِرُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ ، سَدُّوا مَسَامِعَهُمْ حَتَّى لَا يَسْمَعُوا مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ ، وَتَغَطَّوْا بِثِيَابِهِمْ حَتَّى لَا يَنْظُرُوا إِلَيْهِ ; كَرَاهَةً وَبُغْضًا مِنْ سَمَاعِ النُّصْحِ وَرُؤْيَةِ النَّاصِحِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي إِعْرَاضِهِمْ عَنْ مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَدَّ سَمْعَهُ وَمَنَعَ بَصَرَهُ ، ثُمَّ كَرَّرَ صِفَةَ دُعَائِهِ بَيَانًا وَتَوْكِيدًا . لَمَّا ذَكَرَ دُعَاءَهُ عُمُومَ الْأَوْقَاتِ ، ذَكَرَ عُمُومَ حَالَاتِ الدُّعَاءِ . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=7كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ : يَدُلُّ عَلَى تَكَرُّرِ
[ ص: 339 ] الدَّعَوَاتِ ، فَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَةَ دُعَائِهِ أَوَّلًا ، وَظَاهِرُهُ أَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ إِسْرَارًا ; لِأَنَّهُ يَكُونُ أَلْطَفَ بِهِمْ . وَلَعَلَّهُمْ يَقْبَلُونَ مِنْهُ كَحَالِ مَنْ يَنْصَحُ فِي السِّرِّ فَإِنَّهُ جَدِيرٌ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ لَهُ الْإِسْرَارَ ، انْتَقَلَ إِلَى أَشَدَّ مِنْهُ ، وَهُوَ دُعَاؤُهُمْ جِهَارًا صَلْتًا بِالدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ لَا يُحَاشِي أَحَدًا ، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ عَادَ إِلَى الْإِعْلَانِ وَإِلَى الْإِسْرَارِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَمَعْنَى " ثُمَّ " الدَّلَالَةُ عَلَى تَبَاعُدِ الْأَحْوَالِ ; لِأَنَّ الْجِهَارَ أَغْلَظُ مِنَ الْإِسْرَارِ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَغْلَظُ مِنْ إِفْرَادِ أَحَدِهِمَا . انْتَهَى . وكَثِيرًا كَرَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ " ثُمَّ " لِلِاسْتِبْعَادِ ، وَلَا نَعْلَمُهُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ ، وَانْتَصَبَ " جِهَارًا " بِدَعْوَتِهِمْ ، وَهُوَ أَحَدُ نَوْعَيِ الدُّعَاءِ ، وَيَجِيءُ فِيهِ مِنَ الْخِلَافِ مَا جَاءَ فِي نُصُبٍ هُوَ يَمْشِي الْخَوْزَلَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَوْ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِدَعْوَتِهِمْ : جَاهِرَتَهُمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَصْدَرِ دَعَا بِمَعْنَى دُعَاءً جِهَارًا أَيْ : مُجَاهَرًا بِهِ ، أَوْ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، أَيْ مُجَاهِرًا . ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ ، وَأَنَّهُمْ إِذَا اسْتَغْفَرُوا دُرَّ لَهُمُ الرِّزْقُ فِي الدُّنْيَا ، فَقَدَّمَ مَا يَسُرُّهُمْ وَمَا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ ، إِذِ النَّفْسُ مُتَشَوِّفَةٌ إِلَى الْحُصُولِ عَلَى الْعَاجِلِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ الْآيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=16وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ . قَالَ
قَتَادَةُ : كَانُوا أَهْلَ حُبٍّ لِلدُّنْيَا ، فَاسْتَدْعَاهُمْ إِلَى الْآخِرَةِ مِنَ الطَّرِيقِ الَّتِي يُحِبُّونَهَا . وَقِيلَ : لَمَّا كَذَّبُوهُ بَعْدَ طُولِ تَكْرَارِ الدُّعَاءِ قَحَطُوا وَأَعْقَمَ نِسَاؤُهُمْ ، فَبَدَأَهُمْ فِي وَعْدِهِ بِالْمَطَرِ ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْأَمْوَالِ وَالْبَنِينِ . وَ ( مِدْرَارًا ) : مِنَ الدَّرِّ ، وَهُوَ صِفَةٌ يَسْتَوِي فِيهَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ ، وَمِفْعَالٌ لَا تَلْحَقُهُ التَّاءُ إِلَّا نَادِرًا ، فَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ . تَقُولُ : رَجُلٌ مِحْدَامَةٌ وَمِطْرَابَةٌ ، وَامْرَأَةٌ مِحْدَابَةٌ وَمِطْرَابَةٌ ، وَالسَّمَاءُ الْمُطِلَّةُ . قِيلَ : لِأَنَّ الْمَطَرَ يَنْزِلُ مِنْهَا إِلَى السَّحَابِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ السَّحَابُ وَالْمَطَرُ كَقَوْلِهِ :
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ
الْبَيْتَ ، الرَّجَاءُ بِمَعْنَى الْخَوْفِ ، وَبِمَعْنَى الْأَمَلِ . فَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13لَا تَرْجُونَ : لَا تَخَافُونَ ، قَالُوا : وَالْوَقَارُ بِمَعْنَى الْعَظَمَةِ وَالسُّلْطَانِ . وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا وَعِيدٌ وَتَخْوِيفٌ . وَقِيلَ : لَا تَأْمُلُونَ لَهُ تَوْقِيرًا أَيْ : تَعْظِيمًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْمَعْنَى مَا لَكَمَ لَا تَكُونُونَ عَلَى حَالِ مَا يَكُونُ فِيهَا تَعْظِيمُ اللَّهِ إِيَّاكُمْ فِي دَارِ الثَّوَابِ ، وَلِلَّهِ بَيَانٌ لِلْمُوَقَّرِ ، وَلَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ صِلَةً ، أَوْ لَا تَخَافُونَ اللَّهَ حِلْمًا وَتَرْكَ مُعَاجَلَةٍ بِالْعِقَابِ فَتُؤْمِنُوا . وَقِيلَ : مَا لَكُمْ لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَاقِبَةً ; لِأَنَّ الْعَاقِبَةَ حَالَ اسْتِقْرَارِ الْأُمُورِ وَثَبَاتِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ مِنْ وَقَرَ إِذَا ثَبَتَ وَاسْتَقَرَّ . انْتَهَى . وَقِيلَ : مَا لَكُمْ لَا تَجْعَلُونَ رَجَاءَكُمْ لِلَّهِ وَتِلْقَاءَهُ وَقَارًا ، وَيَكُونُ عَلَى هَذَا مِنْهُمْ كَأَنَّهُ يَقُولُ : تُؤَدَةً مِنْكُمْ وَتَمَكُّنًا فِي النَّظَرِ ; لِأَنَّ الْفِكْرَ مَظِنَّةُ الْخِفَّةِ وَالطَّيْشِ وَرُكُوبِ الرَّأْسِ . انْتَهَى . وَفِي التَّحْرِيرِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : مَا لَكَمَ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ ثَوَابًا وَلَا تَخَافُونَ عِقَابًا ، وَقَالَهُ
ابْنُ جُبَيْرٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16574الْعَوْفِيُّ عَنْهُ : مَا لَكَمَ لَا تَعْلَمُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ : مَا لَكُمْ لَا تُبَالُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً . قَالَ
قُطْرُبٌ : هَذِهِ لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ ،
وَ هُذَيْلٌ وَ خُزَاعَةُ وَ مُضَرُ يَقُولُونَ : لَمْ أَرْجُ ، لَمْ أُبَالِ . انْتَهَى .
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13لَا تَرْجُونَ : حَالٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ تُحْمَلُ عَلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ ، إِذْ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ التَّنْبِيهُ عَلَى تَدْرِيجِ الْإِنْسَانِ فِي أَطْوَارٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ إِلَّا مِنْ خَلْقِهِ تَعَالَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ : مِنَ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ . وَقِيلَ : فِي اخْتِلَافِ أَلْوَانِ النَّاسِ وَخَلْقِهِمْ وَخُلُقِهِمْ وَمِلَلِهِمْ . وَقِيلَ : صِبْيَانًا ثُمَّ شَبَابًا ثُمَّ شُيُوخًا وَضُعَفَاءَ ثُمَّ أَقْوِيَاءَ . وَقِيلَ : مَعْنَى ( أَطْوَارًا ) : أَنْوَاعًا صَحِيحًا وَسَقِيمًا وَبَصِيرًا وَضَرِيرًا وَغَنِيًّا وَفَقِيرًا .