الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالت صفر ويل يومئذ للمكذبين هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ويل يومئذ للمكذبين هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين فإن كان لكم كيد فكيدون ويل يومئذ للمكذبين

                                                                                                                                                                                                                                        انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب قيل إن الشعبة تكون فوقه ، والشعبة عن يمينه ، والشعبة عن شماله ، فتحيط به ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن الشعب الثلاث الضريع والزقوم والغسلين ، قاله الضحاك . ويحتمل ثالثا : أن الشعب الثلاث: اللهب والشرر والدخان ، لأنه ثلاثة أحوال هي غاية أوصاف النار إذا اضطرمت واشتدت . لا ظليل في دفع الأذى عنه .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 180 ]

                                                                                                                                                                                                                                        ولا يغني من اللهب واللهب ما يعلو عن النار إذا اضطرمت من أحمر وأصفر وأخضر . إنها ترمي بشرر كالقصر والشرر ما تطاير من قطع النار ، وفي قوله كالقصر خمسة أوجه . أحدها : أنه أصول الشجر العظام ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : كالجبل ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : القصر من البناء وهو واحد القصور ، قاله ابن مسعود .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنها خشبة كان أهل الجاهلية يقصدونها ، نحو ثلاثة أذرع ، يسمونها القصر ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : أنها أعناق الدواب ، قاله قتادة . ويحتمل وجها سادسا : أن يكون ذلك وصفا من صفات التعظيم ، كنى عنه باسم القصر ، لما في النفوس من استعظامه ، وإن لم يرد به مسمى بعينه . كأنه جمالت صفر فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : يعني جمالا صفرا وأراد بالصفر السود ، سميت صفرا لأن سوادها يضرب إلى الصفرة ، وهو قول الحسن ومجاهد وقتادة ، قال الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        تلك خيلي منه وتلك ركابي هن صفر أولادها كالزبيب .



                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنها قلوس السفن ، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنها قطع النحاس ، وهو مروي عن ابن عباس أيضا . وفي تسميتها بالجمالات الصفر وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : لسرعة سيرها .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : لمتابعة بعضها لبعض . فإن كان لكم كيد فكيدون فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : إن كان لكم حيلة فاحتالوا لأنفسكم ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : إن استطعتم أن تمتنعوا عني فامتنعوا ، وهو معنى قول الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 181 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية