الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2514 [ ص: 213 ] باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها

                                                                                                                              وزاد النووي : "في النكاح".

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 190 جـ9 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [( عن أبي هريرة ) ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أربع نسوة، أن يجمع بينهن: المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها ) ].

                                                                                                                              وفي لفظ: " لا يجمع بين المرأة وعمتها.. الخ ". وفي رواية: " لا تنكح العمة على بنت الأخ ولا ابنة الأخت على الخالة ".

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              وهذا دليل لمذاهب العلماء كافة، على أنه يحرم الجمع بين المرأة وبين من ذكرت، سواء كانت عمة وخالة حقيقية: وهي أخت الأب، وأخت الأم. أو مجازية: وهي أخت أبي الأب، وأبي الجد وإن علا. أو أخت أم الأم، وأم الجدة: من جهتي الأم والأب، وإن علت.

                                                                                                                              فكلهن: يحرم الجمع بينهما بإجماع العلماء. وخصوا بهذا [ ص: 214 ] الحديث قوله تعالى: { وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا } .

                                                                                                                              قال النووي : والصحيح الذي عليه جمهور الأصوليين: جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم مبين ما أنزل إليهم، من كتاب الله. انتهى.

                                                                                                                              قال ابن المنذر: لست أعلم في منع ذلك اختلافا اليوم، وإنما قال بالجواز: "فرقة من الخوارج ". وزاد غيره: " الشيعة ". وقال بعضهم: " الروافض "

                                                                                                                              . قال في النيل: أحاديث الباب، تدل على تحريم هذا الجمع، لأن ذلك هو معنى النهي حقيقة. وقد حكاه الترمذي، عن عامة أهل العلم. وقال: لا نعلم بينهم اختلافا في ذلك. وكذلك حكاه الشافعي، عن جميع المفتين. انتهى.

                                                                                                                              قال النووي : وأما الجمع بينهما " أو بين الأختين "، في الوطء بملك اليمين: فهو حرام كالنكاح، عند العلماء كافة، لعموم قوله تعالى: { وأن تجمعوا بين الأختين } .

                                                                                                                              قال: وجميع المذكورات في الآية، محرمات بالنكاح وبملك اليمين جميعا. [ ص: 215 ] ومما يدل عليه قوله تعالى: { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } يعني: أن ملك اليمين يحل وطؤها به، لا نكاحها. فإن عقد النكاح عليها، لا يجوز لسيدها.

                                                                                                                              قال: وأما باقي الأقارب; كالجمع بين بنتي العم، أو بنتي الخالة، أو نحوهما: فجائز عندنا وعند العلماء كافة. إلا ما حكاه عياض عن بعض السلف: أنه حرمه.

                                                                                                                              دليل الجمهور: قوله تعالى: { وأحل لكم ما وراء ذلكم } .

                                                                                                                              وأما الجمع "بين زوجة الرجل، وبنته من غيرها": فجائز عند الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، والجمهور. بدليل الآية المذكورة.

                                                                                                                              قال: وظاهر حديث الباب، في أنه: لا فرق بين أن ينكح البنتين معا، أو تقدم هذه أو هذه. فالجمع بينهما "حرام ". كيف كان.

                                                                                                                              وقد جاء في رواية أبي داود وغيره: "لا تنكح الصغرى على الكبرى، [ ص: 216 ] ولا الكبرى على الصغرى". لكن: إن عقد عليهما معا بعقد واحد، فنكاحهما باطل. وإن عقد على إحداهما ثم الأخرى، فنكاح الأولى صحيح، ونكاح الثانية باطل. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية