الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم

                                                                                                                                                                                                                                        وأغطش ليلها وأخرج ضحاها معناه أظلم ليلها ، وشاهد الغطش أنه الظلمة قول الأعشى


                                                                                                                                                                                                                                        عقرت لهم موهنا ناقتي وغامرهم مدلهم غطش



                                                                                                                                                                                                                                        يعني يغمرهم ليلهم لأنه غمرهم بسواده .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 199 ]

                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله : وأخرج ضحاها وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أضاء نهارها وأضاف الليل والضحى إلى السماء لأن منهما الظلمة والضياء .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : قال ابن عباس أن أخرج ضحاها : الشمس . والأرض بعد ذلك دحاها في قوله (بعد) وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : مع وتقدير الكلام : والأرض مع ذلك دحاها ، لأنها مخلوقة قبل السماء ، قاله ابن عباس ومجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن (بعد) مستعملة على حقيقتها لأنه خلق الأرض قبل السماء ثم دحاها بعد السماء ، قاله ابن عمر وعكرمة . وفي (دحاها) ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : بسطها ، قاله ابن عباس ، قال أمية بن أبي الصلت


                                                                                                                                                                                                                                        وبث الخلق فيها إذ دحاها     فهم قطانها حتى التنادي



                                                                                                                                                                                                                                        قال عطاء : من مكة دحيت الأرض ، وقال عبد الله بن عمر : من موضع الكعبة دحيت .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : حرثها وشقها ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : سواها ، ومنه قول زيد بن عمرو


                                                                                                                                                                                                                                        وأسلمت وجهي لمن أسلمت     له الأرض تحمل صخرا ثقالا
                                                                                                                                                                                                                                        دحاها فلما استوت شدها     بأيد وأرسى عليها الجبالا

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 200 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية