قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم فيه مسألتان :
قيل : قال الذين لم يتوبوا من المتخلفين : هؤلاء كانوا معنا بالأمس ، لا يكلمون ولا يجالسون ، فما لهم الآن ؟ وما هذه الخاصة التي خصوا بها دوننا ; فنزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104ألم يعلموا فالضمير في ( يعلموا ) عائد إلى الذين لم يتوبوا من المتخلفين . قال معناه
ابن زيد . ويحتمل أن يعود إلى الذين تابوا وربطوا أنفسهم . وقوله تعالى : ( هو ) تأكيد لانفراد الله سبحانه وتعالى بهذه الأمور . وتحقيق ذلك أنه لو قال : إن الله يقبل التوبة لاحتمل أن يكون قبول رسوله قبولا منه ; فبينت الآية أن ذلك مما لا يصل إليه نبي ولا ملك .
الثانية : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104ويأخذ الصدقات nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104ويأخذ الصدقات هذا نص صريح في أن الله تعالى هو الآخذ لها والمثيب عليها وأن الحق له جل وعز ، والنبي صلى الله عليه وسلم واسطة ، فإن توفي فعامله هو الواسطة
[ ص: 172 ] بعده ، والله عز وجل حي لا يموت . وهذا يبين أن قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خذ من أموالهم صدقة ليس مقصورا على النبي صلى الله عليه وسلم : روى
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836496إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى أن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله وهو الذي nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات و nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=276يمحق الله الربا ويربي الصدقات . قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي صحيح
مسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836497لا يتصدق أحد بتمرة من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه - في رواية : فتربو في كف الرحمن - حتى تكون أعظم من الجبل الحديث . وروي إن الصدقة لتقع في كف الرحمن قبل أن تقع في كف السائل فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله والله يضاعف لمن يشاء قال علماؤنا رحمة الله عليهم في تأويل هذه الأحاديث : إن هذا كناية عن القبول والجزاء عليها ; كما كنى بنفسه الكريمة المقدسة عن المريض تعطفا عليه بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836499يا ابن آدم مرضت فلم تعدني . . . الحديث . وقد تقدم هذا المعنى في ( البقرة ) . وخص اليمين والكف بالذكر إذ كل قابل لشيء إنما يأخذه بكفه وبيمينه أو يوضع له فيه ; فخرج على ما يعرفونه ، والله جل وعز منزه عن الجارحة . وقد جاءت اليمين في كلام العرب بغير معنى الجارحة ; كما قال الشاعر :
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
أي هو مؤهل للمجد والشرف ، ولم يرد بها يمين الجارحة ؛ لأن المجد معنى فاليمين التي تتلقى به رايته معنى . وكذلك اليمين في حق الله تعالى . وقد قيل : إن معنى تربو في كف الرحمن عبارة عن كفة الميزان التي توزن فيها الأعمال ، فيكون من باب حذف المضاف ; كأنه قال . فتربو كفة ميزان الرحمن . وروي عن
مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك أنهم قالوا في تأويل هذه الأحاديث وما شابهها : أمروها بلا كيف ; قاله
الترمذي وغيره . وهكذا قول أهل العلم من
أهل السنة والجماعة .
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
قِيلَ : قَالَ الَّذِينَ لَمْ يَتُوبُوا مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ : هَؤُلَاءِ كَانُوا مَعَنَا بِالْأَمْسِ ، لَا يُكَلَّمُونَ وَلَا يُجَالَسُونَ ، فَمَا لَهُمُ الْآنَ ؟ وَمَا هَذِهِ الْخَاصَّةُ الَّتِي خُصُّوا بِهَا دُونَنَا ; فَنَزَلَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104أَلَمْ يَعْلَمُوا فَالضَّمِيرُ فِي ( يَعْلَمُوا ) عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ لَمْ يَتُوبُوا مِنَ الْمُتَخَلِّفِينَ . قَالَ مَعْنَاهُ
ابْنُ زَيْدٍ . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ إِلَى الَّذِينَ تَابُوا وَرَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : ( هُوَ ) تَأْكِيدٌ لِانْفِرَادِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَذِهِ الْأُمُورِ . وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَبُولُ رَسُولِهِ قَبُولًا مِنْهُ ; فَبَيَّنَتِ الْآيَةُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ نَبِيٌّ وَلَا مَلَكٌ .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْآخِذُ لَهَا وَالْمُثِيبُ عَلَيْهَا وَأَنَّ الْحَقَّ لَهُ جَلَّ وَعَزَّ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسِطَةٌ ، فَإِنْ تُوُفِّيَ فَعَامِلُهُ هُوَ الْوَاسِطَةُ
[ ص: 172 ] بَعْدَهُ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَيٌّ لَا يَمُوتُ . وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836496إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ وَيَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ فَيُرْبِيهَا لِأَحَدِكُمْ كَمَا يُرْبِي أَحَدُكُمْ مُهْرَهُ حَتَّى أَنَّ اللُّقْمَةَ لَتَصِيرُ مِثْلَ أُحُدٍ وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ الَّذِي nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=104يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=276يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ . قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836497لَا يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إِلَّا أَخَذَهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ - فِي رِوَايَةٍ : فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ - حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ الْحَدِيثَ . وَرُوِيَ إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتَقَعُ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي كَفِّ السَّائِلِ فَيُرْبِيهَا كَمَا يُرْبِي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ : إِنَّ هَذَا كِنَايَةٌ عَنِ الْقَبُولِ وَالْجَزَاءِ عَلَيْهَا ; كَمَا كَنَّى بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ الْمُقَدَّسَةِ عَنِ الْمَرِيضِ تَعَطُّفًا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836499يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي . . . الْحَدِيثَ . وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي ( الْبَقَرَةِ ) . وَخُصَّ الْيَمِينُ وَالْكَفُّ بِالذِّكْرِ إِذْ كُلُّ قَابِلٍ لِشَيْءٍ إِنَّمَا يَأْخُذُهُ بِكَفِّهِ وَبِيَمِينِهِ أَوْ يُوضَعُ لَهُ فِيهِ ; فَخَرَجَ عَلَى مَا يَعْرِفُونَهُ ، وَاللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مُنَزَّهٌ عَنِ الْجَارِحَةِ . وَقَدْ جَاءَتِ الْيَمِينُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِغَيْرِ مَعْنَى الْجَارِحَةِ ; كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ
أَيْ هُوَ مُؤَهَّلٌ لِلْمَجْدِ وَالشَّرَفِ ، وَلَمْ يَرِدْ بِهَا يَمِينُ الْجَارِحَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَجْدَ مَعْنًى فَالْيَمِينُ الَّتِي تَتَلَقَّى بِهِ رَايَتُهُ مَعْنًى . وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى تَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ عِبَارَةٌ عَنْ كِفَّةِ الْمِيزَانِ الَّتِي تُوزَنُ فِيهَا الْأَعْمَالُ ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ ; كَأَنَّهُ قَالَ . فَتَرْبُو كِفَّةُ مِيزَانِ الرَّحْمَنِ . وَرُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16418وَابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَمَا شَابَهَهَا : أَمِرُّوهَا بِلَا كَيْفَ ; قَالَهُ
التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ . وَهَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ
أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ .