الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون ( 10 ) والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون ( 11 ) والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون ( 12 ) لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ( 13 ) وإنا إلى ربنا لمنقلبون ( 14 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ابتدأ دالا على نفسه بصنعه فقال : ( ( الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون ) إلى مقاصدكم في أسفاركم .

                                                                                                                                                                                                                                      ( والذي نزل من السماء ماء بقدر ) أي بقدر حاجتكم إليه لا كما أنزل على قوم نوح بغير قدر حتى أهلكهم . ( فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك ) أي كما أحيينا هذه البلدة [ الميتة ] بالمطر كذلك ( تخرجون ) من قبوركم أحياء .

                                                                                                                                                                                                                                      ( والذي خلق الأزواج ) أي الأصناف ( كلها ) ( وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون ) في البر والبحر .

                                                                                                                                                                                                                                      ( لتستووا على ظهوره ) ذكر الكناية ؛ لأنه ردها إلى " ما " . ( ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه ) بتسخير المراكب في البر والبحر ، ( وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا ) ذلل لنا هذا ، ( وما كنا له مقرنين ) مطيقين ، وقيل : ضابطين .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) لمنصرفون في المعاد .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن أبي إسحاق ، أخبرني علي بن ربيعة أنه شهد عليا - رضي الله عنه - حين ركب فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم الله ، فلما استوى قال : الحمد لله ، ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما [ ص: 208 ] كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، ثم حمد ثلاثا وكبر ثلاثا ، ثم قال : لا إله إلا الله ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم ضحك . فقال : ما يضحكك يا أمير المؤمنين ؟ قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ما فعلت ، وقال مثل ما قلت ، ثم ضحك ، فقلنا : ما يضحكك يا نبي الله ؟ قال : " العبد " ، أو قال : " عجبت للعبد إذا قال لا إله إلا الله ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، يعلم أنه لا يغفر الذنوب إلا هو " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية