الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( ( وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين ( 15 ) أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ( 16 ) وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم ( 17 ) أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ( 18 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      قوله - عز وجل - : ( وجعلوا له من عباده جزءا ) أي نصيبا وبعضا وهو قولهم : الملائكة بنات الله . ومعنى الجعل هاهنا الحكم بالشيء والقول ، كما تقول : جعلت زيدا أفضل الناس ، أي وصفته وحكمت به ، ( إن الإنسان ) يعني الكافر ، ( لكفور ) جحود لنعم الله ، ( مبين ) ظاهر الكفران .

                                                                                                                                                                                                                                      ( أم اتخذ مما يخلق بنات ) هذا استفهام توبيخ وإنكار ، يقول : اتخذ ربكم لنفسه البنات ، ( وأصفاكم بالبنين ) ؟ كقوله : " أفأصفاكم ربكم بالبنين " ( الإسراء 40 ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ) بما جعل لله شبها ، وذلك أن ولد كل شيء يشبهه ، يعني إذا بشر أحدهم بالبنات كما ذكر في سورة النحل : " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم " ( النحل 58 ) من الحزن والغيظ .

                                                                                                                                                                                                                                      ( أومن ينشأ ) قرأ حمزة والكسائي وحفص : " ينشأ " بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين ، أي يربى ، وقرأ الآخرون بفتح الياء وسكون النون وتخفيف الشين ، أي ينبت ويكبر ، ( في الحلية ) في الزينة يعني النساء ، ( وهو في الخصام غير مبين ) في المخاصمة غير مبين للحجة [ ص: 209 ] من ضعفهن وسفههن . قال قتادة في هذه الآية : قلما تتكلم امرأة فتريد أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي محل " من " ثلاثة أوجه : الرفع على الابتداء ، والنصب على الإضمار مجازه : أومن ينشأ في الحلية يجعلونه بنات الله ، والخفض ردا على قوله : " مما يخلق " ، وقوله : " بما ضرب " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية