الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        947 [ ص: 268 ] ( 76 ) باب فدية ما أصيب من الطير والوحش

                                                                                                                        903 - مالك ، عن أبي الزبير أن عمر بن الخطاب قضى في [ ص: 269 ] الضبع بكبش ، وفي الغزال بعنز ، وفي الأرنب بعناق ، وفي اليريوع [ ص: 270 ] بجفرة .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        18806 - قال أبو عمر : واليربوع دويبة لها أربعة قوائم وذنب ، تجتر كما تجتر الشاة ، وهي من ذوات الكرش .

                                                                                                                        [ ص: 271 ] 18807 - روينا ذلك عن عكرمة .

                                                                                                                        18808 - وبه قال أهل اللغة .

                                                                                                                        18809 - وفي حديث عمر فوق ما نجزي به الضبع ، وما نجزي به الغزال ، وما نجزي به الأرنب واليربوع ، فقال في الضبع كبش ، وفي الغزال عنز ، وفي الأرنب عناق ، وفي اليربوع جفرة .

                                                                                                                        18810 - ولو كان العناق عنزا ثنية كما زعم بعض أصحابنا ، لقال عمر في الغزال والأرنب واليربوع عنز ، ولكن العنز عند أهل العلم ما قد ولد ، أو ولد مثله .

                                                                                                                        18811 - والجفرة عند أهل العلم بالعراق ، وأهل اللغة والسنة من ولد المعز ، ما أكل ، واستغنى عن الرضاع .

                                                                                                                        18812 - والعناق ، قيل : هو دون الجفرة ، وقيل : هو فوق الجفرة ، ولا خلاف أنه من ولد المعز .

                                                                                                                        18813 - قال أبو عمر : خالف مالك - رحمه الله - عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - من هذا الحديث في الأرنب واليربوع ، فقال : لا يفديان بجفرة ولا بعناق ، ولا يفديهما من أراد فداءهما بالمثل من النعم ، إلا بما [ ص: 272 ] يجوز هديا وضحية .

                                                                                                                        18814 - وولد الجذع فما فوقه من الضأن ، والثني وما فوقه من الإبل والبقر والمعز ، وإن شاء فداءهما بالطعام كفارة للمساكين ، أو عدل ذلك صياما ، هو مخير في ذلك ، فإن اختار الإطعام قوم الصيد ، وينظر كم ثمنه من الطعام ، فيطعم لكل مسكين مدا ، أو يصوم مكان كل مد يوما .

                                                                                                                        18815 - قال : وفي صغار الصيد مثل ما في كباره ، وفي فراخ الطير ما في الكبير إن حكم عليه بالهدي ، أو بالصدقة ، أو الصيام ، يحكم عليه في الفرخ بمثل دية أبويه .

                                                                                                                        18816 - قال : وكذلك الضباع ، وكل شيء .

                                                                                                                        18817 - قال : وكذلك دية الكبير والصغير من الناس سواء .

                                                                                                                        18818 - وقال أبو عمر : سيأتي بيان قوله في الحمام وغيره من الطير فيما بعد من هذا الكتاب - إن شاء الله .

                                                                                                                        18819 - وحجة مالك فيما ذهب إليه من ذلك ظاهر قول الله - تعالى - : ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة [ المائدة : 95 ] فلما قال هديا ، ولم يختلفوا أن من [ ص: 273 ] جعل على نفسه هديا أنه لا يجزئه أقل من الجذع من الضأن ، والثني مما سواه ، كان كذلك حق الصيد ، لأنه قياس على الهدي الواجب ، والتطوع ، والأضحية .

                                                                                                                        18820 - وقال الشافعي : هدي صغار الصيد بالمثل من صغار النعم وكبار الصيد بالمثل من كبار النعم .

                                                                                                                        18821 - وهو معنى ما روي عن عمر ، وعثمان ، وعلي ، وابن مسعود - رضي الله عنهم - في تأويل قول الله - عز وجل - : فجزاء مثل ما قتل من النعم [ المائدة : 95 ] .

                                                                                                                        18822 - وقال الشافعي : والطائر لا مثل له من النعم ، فيفدى بقيمته ، واحتج في ذلك بما يطول ذكره .

                                                                                                                        18823 - وعنده في النعامة الكبيرة : بدنة ، وفي الصغيرة : فصيل ، وفي حمار الوحش الكبير : بقرة ، وفي ولده : عجل ، وفي الولد الصغير خروف ، أو جدي .

                                                                                                                        [ ص: 274 ] 18824 - وقال أبو حنيفة في الصغير قيمته على أصله في القيمة .

                                                                                                                        18825 - وقال : المثل في جزاء الصيد القيمة .

                                                                                                                        18826 - وقال أبو يوسف ، ومحمد : إذا بلغ الهدي عناقا ، أو جملا جاز له أن يهديه في زمن الصيد .

                                                                                                                        18827 - واتفق مالك والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهم أن الهدي في غير جزاء الصيد لا يكون إلا جذعا من الضأن ، أو ثنيا مما سواه من الأزواج الثمانية ما يجوز ضحية .

                                                                                                                        18828 - والثني أحب إليهم ، من كل شيء .

                                                                                                                        18829 - وكان الأوزاعي يجيز الجذع من البقر دون المعز .

                                                                                                                        18830 - واتفق مالك والشافعي ومحمد بن الحسن ، على أن المثل المأمور به في جزاء الصيد هو الأشبه به من النعم في البدن ; فقالوا : في الغزالة : شاة ، وفي النعامة : بدنة ، وفي حمار الوحش : بقرة .

                                                                                                                        18831 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف : الواجب في قتل الصيد قيمته ، سواء كان مما له مثل من النعم ، أو لم يكن ، هو بالخيار بين أن يتصدق [ ص: 275 ] بقيمته ، وبين أن يصرف القيمة في النعم ، فيشتريه ويهديه .




                                                                                                                        الخدمات العلمية