الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون ( 19 ) وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون ( 20 ) أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون ( 21 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ) قرأ أهل الكوفة ، وأبو عمرو : " عباد الرحمن " بالباء والألف بعدها ورفع الدال كقوله تعالى : " بل عباد مكرمون " ( الأنبياء 26 ) ، وقرأ الآخرون : " عند الرحمن " بالنون ونصب الدال على الظرف ، وتصديقه قوله - عز وجل - : " إن الذين عند ربك " ( الأعراف 206 ) الآية . ( أشهدوا خلقهم ) قرأ أهل المدينة على ما لم يسم فاعله ، ولين الهمزة الثانية بعد همزة الاستفهام أي : أحضروا خلقهم . وقرأ الآخرون بفتح الشين أي أحضروا خلقهم حين خلقوا ، وهذا كقوله : " أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون " ( الصافات 150 ) ، ( ستكتب شهادتهم ) على الملائكة أنهم بنات الله ، ( ويسألون ) عنها .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الكلبي ومقاتل : لما قالوا هذا القول سألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما يدريكم أنهم إناث ؟ " قالوا : سمعنا من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا . فقال الله تعالى : ستكتب شهادتهم ويسألون عنها في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ) يعني الملائكة . قاله قتادة ومقاتل والكلبي ، قال مجاهد : يعني الأوثان ، وإنما لم يعجل عقوبتنا على عبادتنا إياها لرضاه منا بعبادتها . قال الله تعالى : ( ما لهم بذلك من علم ) فيما يقولون ( إن هم إلا يخرصون ) ما هم إلا كاذبون في قولهم : إن الله تعالى رضي منا بعبادتها ، وقيل : إن هم إلا يخرصون في قولهم : إن الملائكة إناث وإنهم بنات الله .

                                                                                                                                                                                                                                      ( أم آتيناهم كتابا من قبله ) أي من قبل القرآن بأن يعبدوا غير الله ( فهم به مستمسكون ) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية