الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 238 ] وإن دفع الوديعة إلى من يحفظ ماله كزوجته وعبده لم يضمن ، وإن دفعها إلى أجنبي أو حاكم ضمن ، وليس للمالك مطالبة الأجنبي ، وقال القاضي : له ذلك ، وإن أراد سفرا أو خاف عليها عنده ردها إلى مالكها ، فإن لم يجد حملها معه إن كان أحفظ لها ، وإلا دفعها إلى الحاكم ، فإن تعذر ذلك أودعها ثقة ، أو دفنها وأعلم بها ثقة يسكن تلك الدار ، فإن دفنها ولم يعلم بها أحدا أو أعلم بها من لا يسكن الدار ضمنها .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن دفعها إلى أجنبي أو حاكم ) لعذر لم يضمن ، وإلا ( ضمن ) لأنه مودع ، وليس له أن يودع من غير عذر ، ولعله غير ظاهر في الحاكم ( وليس للمالك ) إذا تلفت ( مطالبة الأجنبي ) لأن المودع ضمن بنفس الدفع والإعراض عن الحفظ ، فلا يجب على الثاني ; لأن دفعا واحدا لا يوجب ضمانين بخلاف غاصب الغاصب ; لأن يده ضامنة ، فترتب عليه الضمان ( وقال القاضي : له ذلك ) وهو أقرب إلى الصواب ; لأنه قبض ما ليس له قبضه ، أشبه المودع من الغاصب ، وكما لو دفعها إلى إنسان هبة ، وعليه للمالك مطالبة من شاء منهما ، ويستقر الضمان على الثاني إن علم ، وإلا فعلى الأول ، وجزم في " الوجيز " أنهما لا يطالبان إن جهلا ، ويتخرج من رواية توكيل الوكيل له الإيداع بلا عذر ، وهو مقيد بما إذا لم ينهه .

                                                                                                                          ( وإن أراد سفرا أو خاف عليها عنده ردها إلى مالكها ) أو وكيله فيها ; لأن في ذلك تخليصا له من دركها ، ومقتضاه أنه إذا دفعها إلى الحاكم يضمن ; لأنه لا ولاية له على الحاضر ، وتلزمه مؤنة الرد ، وفي مؤنة رد من بعد خلاف ( فإن لم يجده حملها معه ) في السفر ، نص عليه سواء كان لضرورة ، أو لغيرها ( إن كان أحفظ لها ) لأن المقصود الحفظ ، وهو موجود هنا وزيادة ، وشرطه إذا لم ينه عنه ، ولا خوف ، وفي " المبهج " ، و " الموجز " والغالب السلامة ، زاد في " عيون المسائل " ، و " الانتصار " كأب ووصي ، وله ما أنفق بنية الرجوع ، قاله القاضي ، ويتوجه كنظائره ، وقيل : مع غيبة ربها ، أو وكيله إن كان أحرز ، وإن استويا فوجهان ( وإلا ) أي : وإن لم يكن أحفظ لها ، ولم ينه [ ص: 239 ] عنه ( دفعها إلى الحاكم ) لأن في السفر بها غررا ; لأنه بعرضية النهب وغيره ، إذ الحاكم يقوم مقام صاحبها عند غيبته ، وفي لزومه قبولها وجهان ، وظاهره أنه إذا أودعها مع قدرته على الحاكم أنه يضمنها ; لأنها لا ولاية له ، وقيل : لا يضمن إذا أودعها ثقة ، وذكره الحلواني رواية ; لأنه قد يكون أحفظ لها وأحب إلى مالكها ، وكتعذر حاكم في الأصح ( فإن تعذر ذلك ) أي : لم يقدر على الحاكم ( أودعها ثقة ) لفعله - عليه السلام - لما أراد أن يهاجر أودع الودائع التي كانت عنده لأم أيمن رضي الله عنها ، ولأنه موضع حاجة ، وأطلق أحمد الإيداع عند غيره لخوفه عليها ، وحملها القاضي على المقيم لا المسافر .

                                                                                                                          فرع : حكم من حضره الموت حكم من أراد سفرا في دفعها إلى حاكم أو ثقة .

                                                                                                                          ( أو دفنها وأعلم بها ثقة يسكن تلك الدار ) لأن الحفظ يحصل به ( فإن دفنها ولم يعلم بها أحدا ) ضمن ; لأنه فرط في الحفظ ، فإنه قد يموت في سفره فلا تصل إلى صاحبها ، وربما نسي موضعها ، أو أصابها آفة ، وكذا إن أعلم بها غير ثقة ; لأنه ربما أخذها ، ولم يصرح به المؤلف اكتفاء بمفهوم الأول ( أو أعلم بها من لا يسكن الدار ) أي : من لا يدله على المكان ( ضمنها ) لأنه لم يودعها إياه ، ولا يقدر على الاحتفاظ بها




                                                                                                                          الخدمات العلمية