الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ميلاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكفالته:

            وقد أخبرت يهود بميلاد سيدنا محمد يوم ميلاده، وتناقلوا ذلك، وقد وقع العديد من الآيات بميلاده صلى الله عليه وسلم، منها انكفاء الأصنام على وجوهها انبثاق دجلة وارتجاس إيوان كسرى وسقوط شرفات قصره وخمود النيران ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.

            وقد ولد صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين في شهر ربيع الأول لاثنتي عشرة ليلة خلت منه وقيل غير ذلك، من عام الفيل وقيل في اليوم الذي أرسلت فيه طير الأبابيل عليهم.

            وسماه جده عبد المطلب محمدا، ولما سئل عن سبب التسمية، قال: أردت أن يحمده الله في السماء وخلقه في الأرض.

            وكانت حاضنته أم أيمن واسمها بركة، وأرضعته ثويبة مولاة عمه أبي لهب قبل حليمة السعدية، ثم أرضعته حليمة السعدية، وقد وقع لها من الآيات المباركات ببركة أخذه ورضاعه صلى الله عليه وسلم فعمت البركة والخير دارها.

            وقد وقعت له صلى الله عليه وسلم حادثة شق صدره من قبل الملك وهو في رعايتها صلى الله عليه وسلم في حفظ من الله سبحانه، فقامت برده صلى الله عليه وسلم إلى أمه.

            فمكث في كنف أمه صلى الله عليه وسلم وجده حتى إذا بلغ ست سنين خرجت به إلى أخواله بني عدي بن النجار بالمدينة فتوفيت وهي راجعة بالأبواء وكان معها أم أيمن رضي الله عنها.

            فكفله من بعدها جده عبد المطلب، وكان يخشى عليه لما بلغه من كلام أهل الكتاب من أنه هو نبي هذه الأمة.

            ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين توفي جده عبد المطلب ورثاه بناته، وولي العباس بن عبد المطلب زمزم والسقاية وكان أحدث أخواته سنا وظلت معه إلى أن أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الإسلام.

            ولما توفي عبد المطلب أوصى بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي طالب عمه فولي أمره وأحبه حبا شديدا.

            وقد كان أبو طالب يعرف للنبي صلى الله عليه وسلم بركته في صغره، وقد خرج معه إلى الشام ورآه معه بحيرى الراهب وكانت له معه قصة فيها البشارة به صلى الله عليه وسلم وتخوفه عليه من اليهود.

            وقد شب النبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة على طيب الأخلاق وأحسنها فكان أصدق القوم وأعظمهم أمانة وأبعدهم عن الفحش، قد عصمه الله من كل ما فيه رذيلة، وقد عرف فضله أهل زمانه فكانوا يتحاكمون إليه صلى الله عليه وسلم ويأتمنونه.

            وقد استقى به أبو طالب يوما بعدما قحطت مكة وفيه يقول:


            وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل     يلوذ به الهلاك من آل هاشم
            فهم عنده في نعمة وفواضل



            ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة وكانت خديجة بنت خويلد امرأة عاقلة تاجرة تستأجر الرجال على مالها مضاربة، فلما بلغها من أمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه وفضله رغبت أن يتجر لها على أن تعطيه أفضل ما تعطي غيره فقبل النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم متاجرا لها مع غلام لها اسمه ميسرة فرآه منه من الآيات العجب الذي به تحدث إلى خديجة رضي الله عنها، فوقع ذلك من خديجة رضي الله عنها موقعه ورغبت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوسمت فيه الخير والبركة والشأن العظيم فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت رضي الله عنها.

            ورزقه الله منها رضي الله عنها كل الولد إلا إبراهيم ابنه صلى الله عليه وسلم.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية